Monday, February 7, 2011

ماذا تختار... الشرعية الدستورية أم الشرعية الثورية؟

نحن الآن فى لحظة فارقة فى تاريخ مصر، بين الشرعية الدستورية والشرعية الثورية، وهى مفرق طريقين بكل معنى الكلمة. يشبه الأمر أنك تقود سيارتك، ثم وجدت مفرق طريقين، الأول يؤدى إلى الإسكندرية (مثلا) والثانى يفضى إلى الصعيد. لا تصدق أبدا الدعاوى القائلة إن كلا الطريقين سيفضى فى النهاية إلى غاية واحدة.
أيهما نختار: الشرعية الثورية أم الشرعية الدستورية؟! الشرعية الدستورية تعنى اتباع الخطوات والإجراءات التى حددها الدستور القائم بالفعل، وهو دستور تحدث الجميع عن عواره، وكل مشاكلنا حين تحلّلها تجد سببها الدستور المَعيب. حتى قمامة الطريق سببها أن الدستور ركّز السلطات فى يد الرئيس، بشكل جعل المحافظ لا يهتم إلا برضا الرئيس. بينما لو كان منصب المحافظ بالانتخاب، والشعب قادراً على إقالته، لاهتم المحافظ بتقديم أفضل الخدمات، لأن ولاءه سيكون وقتها للشعب لا للرئيس.
حاذروا من أن تنخدعوا. إنهم يحاولون تمرير الشرعية الدستورية بزعم أنهم سيعدلون المادتين ٧٦ و٧٧، ولم يتحدث أحد عن أسوأ ما فى الدستور الحالى، وهو المواد المنظمة لصلاحيات الرئيس..
الانحياز لخيار الشرعية الدستورية يعنى بقاء مجلسى الشعب والشورى، اللذين تم انتخابهما بالتزوير، ويعنى أيضا ضرورة بقاء الرئيس مبارك حتى نهاية مدته، لأن الدستور الحالى لا يجد مخرجا، حتى تفويض صلاحياته للنائب لا يعطيه حق تغيير الدستور.
أضف لعيوب الشرعية الدستورية أن وعود النظام لم يتم الوفاء بها، وما حرب الإبل والأحصنة، ووعد الرئيس بالبقاء مدة واحدة، ومئات الوعود الأخرى عنا ببعيد. حتى حينما غيروا الوزارة احتفظوا بالوجوه نفسها التى يكرهها الشعب، وعادوا يتحدثون باللغة نفسها. يقول الوزير أبوالغيط تعليقا على مطالبة الدول الغربية باحترام إرادة الشعب فى التغيير، إن الشعب يرفض التدخل الأجنبى!! تخيلوا.. التصريحات المستفزة نفسها.. لم يتعلموا الدرس ولن يتعلموه!
................
الخيار الآخر هو الشرعية الثورية. بمؤداه يقوم الجيش بتسلم السلطة، وحل مجلسى الشعب والشورى وإسقاط الدستور. ثم يُكلّف لجنة موسعة بكتابة دستور جديد يليق بمكانة مصر وتطلعات شعبها، يتم الاستفتاء عليه، ثم تتم الانتخابات التشريعية فالرئاسية، بعدها يُعيد الجيش تسليم السلطة للمدنيين.
وربما يقول قائل: ما الضمان ألا يتكرر سيناريو ٥٢ ويحتفظ الجيش بالسلطة؟!
وأقول إن الفارق جسيم. أولا: ثورة ٥٢ بدأت كحركة قام بها الجيش، وحظيت بمباركة الشعب، فيما ثورة ٢٠١١ قام بها الشعب، وتمتعت بحماية الجيش. ثانيا: نحن فى عصر الحداثة والعولمة ولسنا فى زمن الانقلابات العسكرية.
ثالثا: أجمل ما أسفرت عنه الأحداث الماضية أننا استعدنا الثقة فى جيشنا العظيم، الذى رفض أن يبطش بنا وأعلن حمايته للشعب. وفى النهاية لا يوجد حل مضمون بنسبة مائة فى المائة، ولكنها «إدارة مخاطر»، ولو سألت الشعب: أيهما يحوز ثقتك أكثر: النظام أم الجيش؟ فإن الجواب معروف.
انحازوا للشرعية الثورية تحت عناية الجيش يرحمكم الله.
بقلم الدكتور أيمن الجندى


No comments:

Post a Comment

I said what I thought, if you have something you want to say, be my guest