Sunday, February 20, 2011

الدستور... الشريعة... المواطنة

ذكر موقع اليوم السابع في عدده الصادر يوم السبت 19 فبراير 2011 أن عددا كبيرا من المثقفين المصريين ممن يمثلون أجيالا مختلفة، إلى ضرورة تعديل المادة الثانية من الدستور المصرى التى تنص على أن " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.

وقال الموقعون على بيان صدر عنهم اليوم إن هذه المطالبة تأتى انطلاقا من حرصهم على مبادئ الديمقراطية والوحدة الوطنية، يرى المثقفون المصريون الموقعون على هذا البيان باختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية".. واقترح الموقعون على البيان استلهام الصياغة القديمة لدستور 1923 المصرى الذى تنص المادة الثالثة فيه على أن "المصريون لدى القانون سواء.. وهم متساوون فى التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين"، كما تنص المادة الثانية عشرة على أن "حرية الاعتقاد مطلقة".

وأكد الموقعون على البيان أن الإسلام هو دين الأغلبية فى المجتمع المصرى وهو أحد أهم روافد الشخصية المصرية الحديثة، كما أن مكانة الديانة المسيحية فى صياغة هذه الشخصية ونموها عبر العصور لا خلاف عليها.. من هذا المنطلق أكد الموقعون على ضرورة احترام حرية التعبير الدينى وحرية ممارسة الشعائر الدينية باعتبارها حقا مكفولا للجميع فى ظل الدولة المدنية.

ومن نفس المنطلق يرى الموقعون أن الدولة يجب أن تظل بمنأى عن التيارات والأهواء الدينية وأن تلتزم بالدفاع عن حقوق المواطنة وأن تحث المواطنين جميعاً على احترام القانون الوضعى الذى من شأنه أن يعيد للدولة المصرية هيبتها ومكانتها بين دول العالم ورأى الموقعون أن تطبيق المبدأ العلمانى فى الدولة المدنية ليس نفيًا للدين أو نفيًا لحق المواطن فى ممارسة الشعائر، بل هو دعوة صريحة لفصل الدين عن الدولة ومبادئ التشريع فيها، بما يكفل لكل مواطن حقوقه الأساسية المشروعة: حق التعبير والتفكير والاعتقاد وأهاب الموقعون على البيان بالقائمين على إعادة صياغة الدستور المصرى العمل على تعديل المادة الثانية بما يتوافق مع متطلبات التحديث والإصلاح التى نادى بها شباب ثورة 25 يناير عملا بمبدأ الدين لله والوطن للجميع.
ومن بين أبرز الموقعين على البيان الدكتورة أمينة رشيد والناقد سيد البحراوى والدكتور صبرى حافظ والمخرج يسرى نصر الله والكاتب خالد الخميسى والمؤرخان خالد فهمى وشريف يونس والمترجم خليل كلفت والشاعر محمد كشيك والناقدة مارى تريز والروائيون مى التلمسانى وميرال الطحاوى ومنتصر القفاش والإعلامى ناصر فرغلى.

ولكن من خلال تعليقات القراء على الخبر ستجد تباينا واضحا من مؤيدين، وأغلبهم مسيحيين بالطبع، ومعارضين بشدة بدون حجة واضحة، ومعارضين لديهم حجج موضوعية تتلخص في الآتي:
-1-
ان الاسلام الحقيقي يحترم حريات الآخرين ويكفل لهم حق الاختلاف وممارسة عبادتهم وشعائرهم بحرية تامة في كنف الدولة الاسلامية، بل ويتوجب على المسلم ايضا حماية دور العبادة لاصحاب الديانات الأخرى.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم "من آذى ذميًا فقد آذاني" والذمي: هو غير المسلم الذي يعيش مع مسلمين
أيضا يقول النبي صلى الله عليه وسلم "استوصوا بأقباط مصر خيرًا فإن لكم فيهم ذمة ورحمة"
-2-
يتمسك المسلمون بهذه المادة لوجود آيات وأحاديث صريحة تحرم عليهم عدم التحاكم إلى قرآنهم وشريعتهم
قال تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، وقال جل جلاله أيضًا "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"، وقال تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون" في آيات متعاقبة من سورة المائدة. فالله قد حكم على المسلم الذي لا يرضى بحكم الله ولا يحكم به بأنه إما كافر وإما ظالم وإما فاسق.
وقال تعالى "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا" فالله نفى الإيمان عمن لم يحكم بشرعه.
 فكلها دلالات صريحة على أنه لا يجوز للمسلم أن يولي ظهره لأحكام شريعته
-3-
تنص المادة الثانية من الدستور على أن "مبادئ" الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وكلمة مبادئ هنا محورية فالمادة لم تنص على أن الشريعة هي مصدر التشريع بل "مبادئ" الشريعة، والمعروف أنها تتلخص في العدل والحرية والمساواة.
-4-
مصر عضوة في العديد من المنظمات والهيئات الاسلامية على مستوى العالم وهي ممثل قوي للدول الاسلامية وتعد منبرا لنشر تعاليم الاسلام في كافة أرجاء الأرض، كما تعد الاختيار الأول للباحثين والدارسين من كافة دول العالم لتعلم اللغة العربية واصول الدين السلامي لوجود الأزهر الشريف بها .

وعليه،

فإن كانت الشريعة تبيح لغير المسلمين أن يتحاكموا فيما بينهم إلى ما يرتضونه من أحكام ولا تلزمهم بأيٍ من أحكامها، فهل ينكر أحد على المسلم الذي يحب ربه ويريد أن يحكمه قرآن ربه وأحكام ربه.

اذا،
ان كنا فعلا نريد حلا عمليا، فإلغاء المادة الثانية من الدستور لن يفيدنا بل سيجرد مصر من هويتها وقد يؤثر سلبا في نفوس الكثيرين
ولكن جميعنا يعلم ايضا أن من هو غير مسلما يرى في المادة الثانية تحيزا لصالح الاسلام على حساب الديانات الأخرى، وهو من وجهة نظر المساواة والمواطنة والشعور بالانتماء يعد امرا مثيرا للجدل.



فما الحل اذا؟

الحل ببساطة هو:

ان كنا متفقين جميعا، اننا نعيش في مصر، أقباطا ، مسيحيين ومسلمين لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات
وطالما نحن متفقون جميعا ان المسلمين يقبلون المسيحيين ويحترمونهم ويحترمون ديانتهم كما يحترمهم المسيحيون ويكنون للاسلام كافة التقدير والاحترام
ومادمنا متفقون ان الاسلام لا يفرض الاحتكام للشريعة الاسلامية لمن هم غير مسلمين
كذلك نحن متفقون أن أغلبية المصريين مسلمين ولكن هناك عدد ليس بقلة من المسيحيين وكلاهما مصريين

فلماذا إذا نتناقش ونتجادل على إزالة كل هذه الحقائق وتجاهلها بدلا من شرحها وتقنينها وجعلها دستورا نحتمي كلنا تحت مظلته وتخرج قوانينا كلها بروحه وفلسلفته.
لماذا لخًصنا كل ما نحن متفقون عليه بالفعل في مادة واحدة مثيرة للجدل لغموضها وخضوعها للقيل والقال في حين أنها ان شرحت وبسطت سترضي جميع الأطراف.

من هنا أنادي اساتذتنا الدستوريين الفقهاء بتفصيل المادة لتشملنا جميعا بدلا من مجرد اللجوء للحل الاسهل والمثير للفتن وهو اذالتها.

لا أعلم ما هي الصيغة المناسبة ولكن لتكن على سبيل المثال:

" الإسلام هو الدين الرسمي للدولة باعتباره دين الأغلبية، أما الأقلية المسيحية من المصريين فلهم نفس حقوق الأغلبية المسلمة وعليهم نفس الواجبات، دون تحيز لفئة على حساب الأخرى، واللغة العربية هي اللغة الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، ويحتكم غير المسلمين لما تنص عليه معتقداتهم إن وجد تعارضا."




الدستور... الشريعة... المواطنة

ذكر موقع اليوم السابع في عدده الصادر يوم السبت 19 فبراير 2011 أن عددا كبيرا من المثقفين المصريين ممن يمثلون أجيالا مختلفة، إلى ضرورة تعديل المادة الثانية من الدستور المصرى التى تنص على أن " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.

وقال الموقعون على بيان صدر عنهم اليوم إن هذه المطالبة تأتى انطلاقا من حرصهم على مبادئ الديمقراطية والوحدة الوطنية، يرى المثقفون المصريون الموقعون على هذا البيان باختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية".. واقترح الموقعون على البيان استلهام الصياغة القديمة لدستور 1923 المصرى الذى تنص المادة الثالثة فيه على أن "المصريون لدى القانون سواء.. وهم متساوون فى التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين"، كما تنص المادة الثانية عشرة على أن "حرية الاعتقاد مطلقة".

وأكد الموقعون على البيان أن الإسلام هو دين الأغلبية فى المجتمع المصرى وهو أحد أهم روافد الشخصية المصرية الحديثة، كما أن مكانة الديانة المسيحية فى صياغة هذه الشخصية ونموها عبر العصور لا خلاف عليها.. من هذا المنطلق أكد الموقعون على ضرورة احترام حرية التعبير الدينى وحرية ممارسة الشعائر الدينية باعتبارها حقا مكفولا للجميع فى ظل الدولة المدنية.

ومن نفس المنطلق يرى الموقعون أن الدولة يجب أن تظل بمنأى عن التيارات والأهواء الدينية وأن تلتزم بالدفاع عن حقوق المواطنة وأن تحث المواطنين جميعاً على احترام القانون الوضعى الذى من شأنه أن يعيد للدولة المصرية هيبتها ومكانتها بين دول العالم ورأى الموقعون أن تطبيق المبدأ العلمانى فى الدولة المدنية ليس نفيًا للدين أو نفيًا لحق المواطن فى ممارسة الشعائر، بل هو دعوة صريحة لفصل الدين عن الدولة ومبادئ التشريع فيها، بما يكفل لكل مواطن حقوقه الأساسية المشروعة: حق التعبير والتفكير والاعتقاد وأهاب الموقعون على البيان بالقائمين على إعادة صياغة الدستور المصرى العمل على تعديل المادة الثانية بما يتوافق مع متطلبات التحديث والإصلاح التى نادى بها شباب ثورة 25 يناير عملا بمبدأ الدين لله والوطن للجميع.
ومن بين أبرز الموقعين على البيان الدكتورة أمينة رشيد والناقد سيد البحراوى والدكتور صبرى حافظ والمخرج يسرى نصر الله والكاتب خالد الخميسى والمؤرخان خالد فهمى وشريف يونس والمترجم خليل كلفت والشاعر محمد كشيك والناقدة مارى تريز والروائيون مى التلمسانى وميرال الطحاوى ومنتصر القفاش والإعلامى ناصر فرغلى.

ولكن من خلال تعليقات القراء على الخبر ستجد تباينا واضحا من مؤيدين، وأغلبهم مسيحيين بالطبع، ومعارضين بشدة بدون حجة واضحة، ومعارضين لديهم حجج موضوعية تتلخص في الآتي:
-1-
ان الاسلام الحقيقي يحترم حريات الآخرين ويكفل لهم حق الاختلاف وممارسة عبادتهم وشعائرهم بحرية تامة في كنف الدولة الاسلامية، بل ويتوجب على المسلم ايضا حماية دور العبادة لاصحاب الديانات الأخرى.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم "من آذى ذميًا فقد آذاني" والذمي: هو غير المسلم الذي يعيش مع مسلمين
أيضا يقول النبي صلى الله عليه وسلم "استوصوا بأقباط مصر خيرًا فإن لكم فيهم ذمة ورحمة"
-2-
يتمسك المسلمون بهذه المادة لوجود آيات وأحاديث صريحة تحرم عليهم عدم التحاكم إلى قرآنهم وشريعتهم
قال تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، وقال جل جلاله أيضًا "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"، وقال تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون" في آيات متعاقبة من سورة المائدة. فالله قد حكم على المسلم الذي لا يرضى بحكم الله ولا يحكم به بأنه إما كافر وإما ظالم وإما فاسق.
وقال تعالى "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا" فالله نفى الإيمان عمن لم يحكم بشرعه.
 فكلها دلالات صريحة على أنه لا يجوز للمسلم أن يولي ظهره لأحكام شريعته
-3-
تنص المادة الثانية من الدستور على أن "مبادئ" الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وكلمة مبادئ هنا محورية فالمادة لم تنص على أن الشريعة هي مصدر التشريع بل "مبادئ" الشريعة، والمعروف أنها تتلخص في العدل والحرية والمساواة. 
-4-
مصر عضوة في العديد من المنظمات والهيئات الاسلامية على مستوى العالم وهي ممثل قوي للدول الاسلامية وتعد منبرا لنشر تعاليم الاسلام في كافة أرجاء الأرض، كما تعد الاختيار الأول للباحثين والدارسين من كافة دول العالم لتعلم اللغة العربية واصول الدين السلامي لوجود الأزهر الشريف بها .

وعليه،

فإن كانت الشريعة تبيح لغير المسلمين أن يتحاكموا فيما بينهم إلى ما يرتضونه من أحكام ولا تلزمهم بأيٍ من أحكامها، فهل ينكر أحد على المسلم الذي يحب ربه ويريد أن يحكمه قرآن ربه وأحكام ربه.

اذا،
ان كنا فعلا نريد حلا عمليا، فإلغاء المادة الثانية من الدستور لن يفيدنا بل سيجرد مصر من هويتها وقد يؤثر سلبا في نفوس الكثيرين
ولكن جميعنا يعلم ايضا أن من هو غير مسلما يرى في المادة الثانية تحيزا لصالح الاسلام على حساب الديانات الأخرى، وهو من وجهة نظر المساواة والمواطنة والشعور بالانتماء يعد امرا مثيرا للجدل.


فما الحل اذا؟

الحل ببساطة هو:

ان كنا متفقين جميعا، اننا نعيش في مصر، أقباطا ، مسيحيين ومسلمين لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات
وطالما نحن متفقون جميعا ان المسلمين يقبلون المسيحيين ويحترمونهم ويحترمون ديانتهم كما يحترمهم المسيحيون ويكنون للاسلام كافة التقدير والاحترام
ومادمنا متفقون ان الاسلام لا يفرض الاحتكام للشريعة الاسلامية لمن هم غير مسلمين
كذلك نحن متفقون أن أغلبية المصريين مسلمين ولكن هناك عدد ليس بقلة من المسيحيين وكلاهما مصريين

فلماذا إذا نتناقش ونتجادل على إزالة كل هذه الحقائق وتجاهلها بدلا من شرحها وتقنينها وجعلها دستورا نحتمي كلنا تحت مظلته وتخرج قوانينا كلها بروحه وفلسلفته.
لماذا لخًصنا كل ما نحن متفقون عليه بالفعل في مادة واحدة مثيرة للجدل لغموضها وخضوعها للقيل والقال في حين أنها ان شرحت وبسطت سترضي جميع الأطراف.

من هنا أنادي اساتذتنا الدستوريين الفقهاء بتفصيل المادة لتشملنا جميعا بدلا من مجرد اللجوء للحل الاسهل والمثير للفتن وهو اذالتها.

لا أعلم ما هي الصيغة المناسبة ولكن لتكن على سبيل المثال:

" الإسلام هو الدين الرسمي للدولة باعتباره دين الأغلبية، أما الأقلية المسيحية من المصريين فلهم نفس حقوق الأغلبية المسلمة وعليهم نفس الواجبات، دون تحيز لفئة على حساب الأخرى، واللغة العربية هي اللغة الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، ويحتكم غير المسلمين لما تنص عليه معتقداتهم إن وجد تعارضا."


Saturday, February 12, 2011

هل ألقى عمر سليمان خطابه تحت تهديد السلاح؟

منقول

ثمة حقائق يمكن قراءتها بسهولة من بين الأحداث منذ بداية الثورة وحتى سقوط النظام.

أولاً: النظام السياسي كان يتعامل باستهانة شديدة، ولامبالاة مع مطالب الشعب، بل من المؤكد أن الجميع لاحظ، أن مطالب الشعب لم تكن في باله أصلاً، وذلك لسببين:1- عجرفة وغرور ذاتيين طالما لازما هذا النظام، ولازما شخص مبارك وكل من حوله. 2- تضليل الإعلام الرسمي والتقارير التي تصل للسطات العليا من النظام السياسي، على عكس المشير طنطاوي مثلاً الذي نزل بين الناس في ميدان التحرير، وربت على أكتافهم المتعبة من النوم في العراء، وابتسم لوجوههم التي تضئ بالأمل. إضافة إلى مئات من الرتب الكبيرة في الجيش نزلت واحتكت بالناس، وسمعت مطالبهم منهم مباشرة.

ثانياً: الضغط الشعبي ازداد تدريجياً، كأن النظام كان ينزل ببطء إلى أعماق محيط مترامي الأطراف، ومع ذلك يجهل أبسط القواعد عن ضغط المياه كلما ازداد العمق، وأن النتيجة النهائية حتماً لازدياد الضغط هو أن ينفجر ويموت. ببساطة نظامنا السابق لم يكن فاسداً فحسب، بل كان غبياً أيضاً، على المستوى السياسي والإنساني. وأيضاً اتضح مدى انفصاله عن شعبه، فهو جهل تماماً أن الملايين من المواطنين، شباباً وشيباناً، قد استعادوا ذكاءهم ووعيهم المغيب، دفعة واحدة. وهو أمر استعصى عليهم أن يتصوروه في عقولهم الضحلة التي أعمتها السلطة، والمال.

أما عن الموضوع الأساسي، هل ألقى عمر سليمان خطابه تحت تهديد السلاح
لنقرأ الأحداث:
الرئيس المخلوع المطرود حسني يعتمد في عجرفته وكبريائه منذ بداية الثورة على قوة الجيش، ويراهن على أن الجيش يحمي النظام السياسي الذي يمثله الحزب الوطني، بعدما هزم الشباب الباسل جحافل الداخلية بثمن باهظ جداً عبارة عما يزيد عن 350 شهيد، وآلاف الجرحى، ولم تعد الداخلية قادرة على إحداث أي فرق سوى بالبلطجة والألعاب القذرة، التي لم تجدي أيضاً في إجهاض الثورة وفض الاعتصام

الجيش يتخذ جانباً حيادياً، مخالفاً هوى الطاغية في أن يفض  الأمر، ويتدخل بقوته العسكرية لإجهاض الثورة. تصبح هذه النقطة بداية الانقسام داخل السلطات العليا.

تعيين سليمان نائب للرئيس. لماذا اختار سليمان بالتحديد وليس شخصاً غيره؟  واضحة: استجابة للخاطر الأمريكي والإسرائيلي. طبعاً، لأن الأمر لابد أن يكون على مزاج صاحب المحل. وهو ليس الشعب هنا، بل ولي نعمته، أمريكا.

على المستوى الشخصي بالنسبة لسليمان: فهذا يعني حلم تحقق، ضربة قدر أتت من لا شئ، هكذا فجأة وجد نفسه سيكون رئيس الجمهورية، لذلك بدأ يشم رائحة الكرسي، ويسيل لعابه ليكون الرئيس بأسرع ما يمكن.  عمر سليمان كان حريصاً على تنحي مبارك أكثر من حرص الثوار، لكن يجب أن يضمن أن يحدث ذلك بشكل تلقائي وطبيعي. وأيضاً ثمة دعم خفي وترحيب به من صديقته الحميمة إسرائيل.

منظومة الإعلام الرسمي تُحدث انقساماً بين الشعب المصري، فتعطي الأسباب التي تجعل كل من هو خارج الثورة، يخون أصحابها، وينظر إليهم باحتقار، إلى لدرجة كثير منا تمت مضايقته وضربه من قبل الأهالي ثم تسليمه للجيش باعتباره خائناً بمجرد أن يخرج من الميدان، وليس من قبل بلطجية الداخلية. هذه الحقيقة  أفزعتني وأفزعت كثيراً من الشباب، وأحدثت قلقاً بالفعل لدى المرابطين في الميدان، لكن لم يستسلم أحد. وسرعان ما تلاشت.

الألعاب النفسية على أشدها، بعدما انقضت موجة الخيانة والعمالة، اشتعلت موجة تعطيل مصالح البلد، وإيقاف مصالحها. وكل ذلك والبطل هو التلفزيون المصري والجرائد القومية. وجهاز المخابرات الذي خصص كل طاقاته الاستخباراتية لترويج الإشاعات.

حسنى المخلوع يتلاعب بالألفاظ في خطابه الأول والثاني، ويظهر كأنه لا يأبه أصلاً لما يطلبه منه الشعب، وهو ببساطة أن يرحل هو ونظامه الفاسد، أو يتظاهر بأنه أكثر ذكاء وفطنة، ويلتف على المطالب، ويقدم كل مرة تنازلاً يرشي به الجماهير، لكن لا استجابة، وبالتالي مُحصلة كلا الخطابين الأول والثاني، وكل خطابات سليمان= صفر. الثورة لا زالت مستمرة.

تتصاعد حدة الأحداث، ينجح الاعتصام في تطويق مجلسي الشعب والشوري ورئاسة الوزراء، ويبدأ التلفت إلى أماكن حساسة أخرى. كالقصر وماسبيرو،

تتصاعد حدة الاحتجاجات الفئوية، مصانع وشركات، ويبدو أن البلد ستدخل في ما يشبه حالة عصيان مدني. وهذا يصب دون أن يقصد أحد، في صالح الثورة، والمعتصمين بالميدان الذين بدأوا بتنظيم أنفسهم استعداداً لجمعة التحدي.

الجيش طوال هذه الفترة يراقب المسخرة السياسية بحياد دون تدخل، ويراقب متأففاً شغل القوادة الذي يمارسه عمر سليمان وشلة الحزب الوطني الحاكم بدعم من منظومة  الإعلام الرسمية التي يُسخرها أنس الفقي لصالح الحرب على الشعب. وشعار الجيش في هذه المرحلة كما أرى (خلينا مع الكذاب لحد باب الدار ). وكان الجيش يتمنى بالفعل أن تكون قرارات الإصلاح جادة، وأن شلة البلطجية الحاكمين استوعبوا الدرس، لكنهم لم يفعلوا، فخرج عمر سليمان يهدد ويخير الشعب ما بين فض الاعتصامات وإجهاض الثورة، وما بين انقلاب عسكري. ببساطة، هذا الغبي يهدد بالجيش المحايد أصلاً منذ البداية. وهنا حفر سليمان قبره بيديه عندما تحدث باسم الجيش بهذه الطريقة المنحطة، فانقلب عليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والآن باتت موازين القوى محسومة لصالح الشعب، وليس لصالح السلطة السياسية.الجيش حسم أمره.

لكن..قيادة الجيش من العقل بمكان، وهم ضد استخدام أي عنف فعلي، حتى مع أي جناج ينقلب عليهم في الأعلى، لأن القوة القتالية للجيش لو تدخلت بالفعل فهذا سيودي بالبلاد لنفق مظلم دامي، لذلك اعتمد الجيش على ما له من رهبة القوة، ليُجري مفاوضات مع مبارك وسليمان وقيادات السلطة السياسية التي ترفض الاعتراف بسقوط شرعيتها.

تبدأ المناقشات من قِبل مبارك وسليمان مع الجيش ليبدأ بلعب دوره الحقيقي الذي يراه الطاغية، وهو أن يفض هذه الثورة، ويجهض كل آمال الشعب باستخدام القوة العسكرية القاتلة، تحت دعاوي حماية الشرعية الدستورية، وأيضاً أملاً في استغلال ما تبقى من علاقات صداقة مع القيادات العسكرية، وكل ذلك لأن القوة الغاشمة للداخلية لم تفلح في احتواء الأمر، ولا البلطجية، ولا الحرب النفسية التي شنتها المخابرات من خلال المنظومة الإعلامية والإخبارية.

الجيش يرفض، كما رفض من قبل عند نزوله أن يستخدم قوته العسكرية ضد الشعب. ويطرح فكرة التنحي بالفعل، لكن مبارك يرفض.

يوم الخميس الجيش يتدخل بحسم ليُنهي عملية المسخرة التي تتبناها السلطة السياسية في طريقة إدارتها لأزمة بلد كمصر، فيقوم بانقلاب مهذب وسلمي، ويلزم الرئيس أخيراً بالخضوع لرغبة الجماهير، والتنحي عن رئاسة الجمهورية، وتسجيل بيان التنحي، ليتم إذاعته في الساعة العاشرة مساءً من يوم الخميس، تفادياً لحدوث مجزرة بين الثوار وقوات الحرس الجمهوري، وحتى لا تفلت الأمور من بين أيديهم أيضاً فيضطرون لاستخدام القوة ضد الشعب، لأنه يمكن السيطرة على مسيرة مليونية، مسيرتين، لكن السيطرة على مسيرة مالتي ميلونية قوامها قد يزيد عن 15 مليون ثائر مستفزين من عناد الرئيس وحيادية الجيش قد يكون في حكم المستحيل. وحتماً ستحدث خسائر وكوارث. وهذا ما يريده مبارك وسليمان. أن يجد الجيش نفسه مضطراً لاستخدام القوة ضد الشعب، لحفظ الأمن والممتلكات.

بعد إجبار القوات المسلحة للرئيس مبارك - بالهداوة واللطافة وبلاش تذل نفسك أكتر من كده، لأننا حسمنا قرارنا - يسجل الرئيس خطاب التنحي مجبراً. ويستعد لمغادرة البلاد، ومباشرة ينعقد اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الدائم استعداداً لإدارة شؤون البلاد.

المجلس الأعلى للقوات المسلحة يذيع بيانه رقم 1، وتقول الكاميرا فيه أكثر مما يقول البيان،  ورسالة مصورة  هامة للشعب: لم يعد مبارك يحكمنا، لم يعد هو القائد الأعلى للقوات المسلحة. عهد مبارك انتهى.

في الساعات الأخيرة قبل إذاعة خطاب التنحي، يقوم عمر سليمان وأنس الفقي بلعبة قذرة، حيث يستغلون أن مبارك لا يزال في مصر، فيسجلون خطاباً قصيراً آخر، بشكل أهوج، وعلى عجل، يفوض بموجبه مبارك سلطاته لنائبه وفقاً للدستور. ويقوم أنس الفقي بعمل مونتاج لمشاهد من الخطابين، الأول والثاني، ليخرج لنا بخطاب كامل، في نهايته يفوض مبارك سلطاته الرئاسية لعمر سليمان.
وبالتأكيد أن من وراء اللعبة هو عمر سليمان، وأنس الفقي، دون أن يكون لمبارك أي دور في القبول أو الرفض، فغالباً أن هذا الطاغية قد تحول في آخر لحظاته لعجوز بائس يصارع كبريائه الجريح، ويبحث عن خلاص من مأزقه بأي ثمن، لذا فهو مستعد للاستماع لكل من يعرض عليه حلاً، حتى ولو كان أخرقاً كحل التفويض واستفزار الشعب، وتحدي إرادته.

خطاب التنحي كان نهائياً، وانتشرت تسريبات الأخبار بأن مبارك سيتنحى، القيادة الأمريكية علمت بالقرار، وصحف كبرى وقنوات كبرى اطلعت على ما يجري، وأطلقت لمحات من الخبر، في انتظار إذاعة الخطاب والتنحي رسمياً، وهذا كان واضحاً في كل العالم، ولدى الثوار الذين اعترتهم الفرحة.

التلفزيون المصري يعلن أن بث الخطاب سيكون في العاشرة مساءً بتوقيت القاهرة، والجماهير تنتظر على أحر من الجمر، والقلق يأكل نفوسهم خشية خيبة الأمل، يتأخر الخطاب عن موعده، وتصريحات من أنس الفقي: الرئيس لن يتنحى. لماذا؟ لأنه من يقوم بفبركة الخطاب الآن وعمل مونتاج له. كان يلعب في الوقت الضائع.

الجيش يتفاجأ بالخطاب والمؤامرة، أوباما يتفاجأ بالخطاب، العالم كله يتفاجأ بالخطاب، والثوار الأحرار في ميدان التحرير، يرفعون الأحذية إجابة لمبارك وخطابه.

الموازين لم تنقلب بعد، لكن الجيش يتفادى بكل ما يملك من صبر وتعقل لقياداته أن يقوم بانقلاب عسكري حقيقي، أو يدخل في مواجهات دامية مع الحرس الجمهوري، أو يضطر لاستخدام القوة ضد أحد، حتى عمر سليمان نفسه وجهاز مخابراته. وفي نفس الوقت، لا يزال الجيش منحازاً للشعب. لكن العقل سيد الموقف.

يخرج البيان رقم 2  كاختبار للجماهير، تُرى هل سترضى لو مضى الوضع كما مضى عليه، وتضمن القوات المسلحة للثوار تنفيذ مطالبهم؟

لا يفلح البيان رقم 2 في امتصاص غضب الشعب الهادر، ولا يفل عزيمة الثوار، ولا يزيد الوضع إلا تأزماً بإصرار المعتصمين على الصمود، ومواصلة التجهز لجمعة التحدي. وما يقارب 20 ألفاً يحاصرون بالفعل قصر العروبة، وما يزيد عن عشرة آلاف يتجهون لمحاصرة ماسبيروا.  والبقية تحمي مركز الثورة الأساسي ورمزها: ميدان التحرير تحسباً لأي هجوم أو ألاعيب أو تغير موقف الجيش من الاعتصام بعد بيانه رقم 2.

مئات الآلاف في اسكندرية، وعشرات الآلاف في محافظات مختلفة من مصر، الوضع لا يُبشر أن الجمعة التالية ستمر على ما يرام. وتوقعات كثيرة بأن تكون جمعة التحدي دموية إلى أقصى حد. ومع ذلك الإصرار لا يزال في أوجه، والروح المعنوية مرتفعة، وكل الثوار مستعدون للتضحية بحياتهم.

على الجيش مسؤولية اتخاذ القرار الحاسم أخيراً، والكل ينتظر البيان رقم 3، لكن البيان الثالث يتأخر، وتشرق شمس جمعة التحدي وبيان القوات المسلحة رقم 3 لم يصدر بعد. كانوا يترقبون الأحداث، وينتشرون بشكل آخر، وقوات من الشرطة العسكرية يتم استدعاؤها. لا أحد يعلم ماذا يخطط له المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى الآن، لكن مواقف الانحياز واضحة تماماً.

عمر سليمان يحاول الالتفاف على سيطرة الجيش، ويعمل في الخفاء لتدبير وصول آمن إلى كرسي الرئاسة، فقد رأى الكرسي أخيراً، وشم رائحته، ولم يعد متبقياً بالنسبة له سوى إسقاط الشعب من أجل إحياء النظام. يفكر بتوتر، ومشتت، قرارات انفعالية،  تدابير في الخفاء لإفساد جمعة التحدي بأي شكل، ولو وصلت إلى ارتكاب مذبحة. لكن الجيش له بالمرصاد.

تحريات الجيش من مساء الخميس، إلى عصر الجمعة، تثبت للمجلس الأعلى للقوات المسلحة عدم نية عمر سليمان، ولا أي من السلطات الحاكمة اتخاذ أي إجراءات للإصلاح، وأن كل ما يهتمون له هو بقاؤهم في السلطة من أجل حماية دوائر المصالح المتشابكة جداً، والتي تجذرت عميقاً وتغلغلت طوال 30 سنة، خاصة في آخر عشر سنوات، وكثير منها مرتبط أيضاً بمناصب في القوات المسلحة.

الآن: استمعوا إلى الجدل في اجتماعات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تضارب الآراء، الجيش أيضاً - لارتباط كثير من قياداته بشبكة مصالح السلطة السياسية الحاكمة خلال العشرة سنوات الأخيرة - يعاني مرتين لحفظ التوازن الداخلي،  وحماية المجلس من الانقسام، ولحفظ البلاد من خبث عمر سليمان وفلول الأجهزة الأمنية التابعة للحزب الوطني، وأبرزها المخابرات وأمن الدولة.

تستيقظ الوطنية، والشرف، ومعاني التضحيات، ورؤية الملايين الثائرة بعد صلاة الجمعة تُلهم قيادات المجلس لحسم الأمر بشكل نهائي،  فيتخذون قراراً أكاد أجزم بإجماعهم عليه، أن يتم الاستجابة لمطالب الشعب، ومشروعية الشعب، وإسقاط النظام بالقوة العسكرية المحضة، لا بقوة المفاوضات.

مبارك خارج البلاد، عمر سليمان  يجهز لخيانة الشعب من أجل القفز على الكرسي الذي لطالما حلم به، لدرجة أن يتصل بأصدقائه في إسرائيل طلباً للعون، فتسرب صحيفة إسرائيلة أن قوات أمريكية تتوغل في القناة، وأن إسرائيل تقوم بتجهيزات عسكرية تمهيداً للتوغل في سيناء، يعمل جهاز المخابرات الموالي له حتى الآن على نشر الإشاعة، تمهيداً لإعلان حالة طوارئ قصوى في البلاد خشية الاحتلال الإسرائيلي، ولتوجيه أنظار الشعب إلى الخطر الخارجي، وتشتيت انتباههم عن الثورة.

قرب الخامسة مساءً يكون المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أنهى تدابيره للسيطرة على البلاد بالفعل، ومندوب من القوات المسلحة يصل لماسبيرو، وتعلو زغاريد من داخل ماسبيرو كأنه تم تحريره للتو.

ثم يظهر عمر سليمان بلهجة باكية، يائسة، منهزمة، وعلى وجهه كل أمارات الذهول والدهشة والخيبة والحسرة، ليلقي بياناً بتنحي الرئيس مبارك عن منصب رئيس الجمهورية، دون أن يكون مبارك في البلاد أصلاً، ينتهي خطاب التنحي دون معلومة واحدة زائدة إلا أن الرئيس فوض سلطاته إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة. نقطة ومن أول السطر.

هل بالفعل مبارك هو الذي تنازل عن منصب رئاسة الجمهورية؟ أم تم طرده منه؟
هل عمر سليمان كان يملك من أمره شيئاً عندما أذاع خطاب التنحي؟
وإذا كان خطاب مبارك الأخير يوم الخميس قد فوض صلاحياته الرئاسية لنائبه، أليس من المنطقي عندما يتخلى عن هذا المنصب في
اليوم التالي، أن الرئاسة تلقائياً تذهب لهذا النائب؟
ومن هو هذا الحارس غريب الشكل عابث الوجه الذي كان يقف في ظهر عمر سليمان في مشهد لم يتكرر في الخطابات السابقة؟

يا أصدقائي، ما أراه بادياً، أن عمر سليمان ألقى خطاب التنحي والمدفع الرشاش مصوب إلى مؤخرته، ولم يكن يملك من أمر نفسه شيئاً إلا أن يطيع خانعاً ذليلاً.

البيان رقم 3. يبكي كل مصري، ويُطمئن قلب كل ثائر أن جهودنا لم تضع هباءً. خاصة أمام التحية العسكرية لأرواح الشهداء، التي جسدت أسمى معاني الشرف والوفاء والوطنية الصادقة.

شكراً لقواتنا المسلحة، التي تأكد لي من قراءة الأحداث، ومن السلوكيات على أرض الواقع، أن هذه القوات هي فخر مصر، وقياداتها فخر لمصر، ولو  أتيحت لي الفرصة لقبلت رأس كل عضو في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رأساً رأساً، وحتى مع علمي بأن كثيرٌ منهم كانت لديه مصالح مشتركة مع شبكة المصالح الاقتصادية والسياسية للحزب الوطني والسلطة الحاكمة خلال العقدين الماضيين، إلا أن التضحية بهذه المصالح، وتغليب الحس الوطني والمصلحة العامة على مصلحة الأشخاص، هو ما ساهم بشكل كبير في تغيير موازين القوى لصالح ثورة 25 يناير.

منقول --








Monday, February 7, 2011

ماذا تختار... الشرعية الدستورية أم الشرعية الثورية؟

نحن الآن فى لحظة فارقة فى تاريخ مصر، بين الشرعية الدستورية والشرعية الثورية، وهى مفرق طريقين بكل معنى الكلمة. يشبه الأمر أنك تقود سيارتك، ثم وجدت مفرق طريقين، الأول يؤدى إلى الإسكندرية (مثلا) والثانى يفضى إلى الصعيد. لا تصدق أبدا الدعاوى القائلة إن كلا الطريقين سيفضى فى النهاية إلى غاية واحدة.
أيهما نختار: الشرعية الثورية أم الشرعية الدستورية؟! الشرعية الدستورية تعنى اتباع الخطوات والإجراءات التى حددها الدستور القائم بالفعل، وهو دستور تحدث الجميع عن عواره، وكل مشاكلنا حين تحلّلها تجد سببها الدستور المَعيب. حتى قمامة الطريق سببها أن الدستور ركّز السلطات فى يد الرئيس، بشكل جعل المحافظ لا يهتم إلا برضا الرئيس. بينما لو كان منصب المحافظ بالانتخاب، والشعب قادراً على إقالته، لاهتم المحافظ بتقديم أفضل الخدمات، لأن ولاءه سيكون وقتها للشعب لا للرئيس.
حاذروا من أن تنخدعوا. إنهم يحاولون تمرير الشرعية الدستورية بزعم أنهم سيعدلون المادتين ٧٦ و٧٧، ولم يتحدث أحد عن أسوأ ما فى الدستور الحالى، وهو المواد المنظمة لصلاحيات الرئيس..
الانحياز لخيار الشرعية الدستورية يعنى بقاء مجلسى الشعب والشورى، اللذين تم انتخابهما بالتزوير، ويعنى أيضا ضرورة بقاء الرئيس مبارك حتى نهاية مدته، لأن الدستور الحالى لا يجد مخرجا، حتى تفويض صلاحياته للنائب لا يعطيه حق تغيير الدستور.
أضف لعيوب الشرعية الدستورية أن وعود النظام لم يتم الوفاء بها، وما حرب الإبل والأحصنة، ووعد الرئيس بالبقاء مدة واحدة، ومئات الوعود الأخرى عنا ببعيد. حتى حينما غيروا الوزارة احتفظوا بالوجوه نفسها التى يكرهها الشعب، وعادوا يتحدثون باللغة نفسها. يقول الوزير أبوالغيط تعليقا على مطالبة الدول الغربية باحترام إرادة الشعب فى التغيير، إن الشعب يرفض التدخل الأجنبى!! تخيلوا.. التصريحات المستفزة نفسها.. لم يتعلموا الدرس ولن يتعلموه!
................
الخيار الآخر هو الشرعية الثورية. بمؤداه يقوم الجيش بتسلم السلطة، وحل مجلسى الشعب والشورى وإسقاط الدستور. ثم يُكلّف لجنة موسعة بكتابة دستور جديد يليق بمكانة مصر وتطلعات شعبها، يتم الاستفتاء عليه، ثم تتم الانتخابات التشريعية فالرئاسية، بعدها يُعيد الجيش تسليم السلطة للمدنيين.
وربما يقول قائل: ما الضمان ألا يتكرر سيناريو ٥٢ ويحتفظ الجيش بالسلطة؟!
وأقول إن الفارق جسيم. أولا: ثورة ٥٢ بدأت كحركة قام بها الجيش، وحظيت بمباركة الشعب، فيما ثورة ٢٠١١ قام بها الشعب، وتمتعت بحماية الجيش. ثانيا: نحن فى عصر الحداثة والعولمة ولسنا فى زمن الانقلابات العسكرية.
ثالثا: أجمل ما أسفرت عنه الأحداث الماضية أننا استعدنا الثقة فى جيشنا العظيم، الذى رفض أن يبطش بنا وأعلن حمايته للشعب. وفى النهاية لا يوجد حل مضمون بنسبة مائة فى المائة، ولكنها «إدارة مخاطر»، ولو سألت الشعب: أيهما يحوز ثقتك أكثر: النظام أم الجيش؟ فإن الجواب معروف.
انحازوا للشرعية الثورية تحت عناية الجيش يرحمكم الله.
بقلم الدكتور أيمن الجندى


Friday, February 4, 2011

مراحل الثورة الفرنسية

مراحل الثورة الفرنسية

دامت الثورة الفرنسية عشر سنوات، ومرت عبر ثلاث مراحل أساسية:

* المرحلة الأولى (يوليو 1789 - اغسطس 1792)، فترة الملكية الدستورية: تميزت هذه المرحلة بقيام ممثلي الهيئة الثالثة بتأسيس الجمعية الوطنية واحتلال سجن الباستيل، وإلغاء الحقوق الفيودالية، وإصدار بيان حقوق الإنسان ووضع أول دستور للبلاد.
* المرحلة الثانية (اغسطس 1792 - يوليو 1794)، فترة بداية النظام الجمهوري وتصاعد التيار الثوري حيث تم إعدام الملك وإقامة نظام جمهوري متشدد.
* المرحلة الثالثة، (يوليو 1794 – نوفمبر 1799)، فترة تراجع التيار الثوري وعودة البورجوازية المعتدلة التي سيطرت على الحكم ووضعت دستورا جديدا وتحالفت مع الجيش، كما شجعت الضابط نابليون بونابارت للقيام بانقلاب عسكري ووضع حدا للثورة وإقامة نظاما ديكتاتوريا توسعيا.

WikiPedia.com