Sunday, February 20, 2011

الدستور... الشريعة... المواطنة

ذكر موقع اليوم السابع في عدده الصادر يوم السبت 19 فبراير 2011 أن عددا كبيرا من المثقفين المصريين ممن يمثلون أجيالا مختلفة، إلى ضرورة تعديل المادة الثانية من الدستور المصرى التى تنص على أن " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.

وقال الموقعون على بيان صدر عنهم اليوم إن هذه المطالبة تأتى انطلاقا من حرصهم على مبادئ الديمقراطية والوحدة الوطنية، يرى المثقفون المصريون الموقعون على هذا البيان باختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية".. واقترح الموقعون على البيان استلهام الصياغة القديمة لدستور 1923 المصرى الذى تنص المادة الثالثة فيه على أن "المصريون لدى القانون سواء.. وهم متساوون فى التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين"، كما تنص المادة الثانية عشرة على أن "حرية الاعتقاد مطلقة".

وأكد الموقعون على البيان أن الإسلام هو دين الأغلبية فى المجتمع المصرى وهو أحد أهم روافد الشخصية المصرية الحديثة، كما أن مكانة الديانة المسيحية فى صياغة هذه الشخصية ونموها عبر العصور لا خلاف عليها.. من هذا المنطلق أكد الموقعون على ضرورة احترام حرية التعبير الدينى وحرية ممارسة الشعائر الدينية باعتبارها حقا مكفولا للجميع فى ظل الدولة المدنية.

ومن نفس المنطلق يرى الموقعون أن الدولة يجب أن تظل بمنأى عن التيارات والأهواء الدينية وأن تلتزم بالدفاع عن حقوق المواطنة وأن تحث المواطنين جميعاً على احترام القانون الوضعى الذى من شأنه أن يعيد للدولة المصرية هيبتها ومكانتها بين دول العالم ورأى الموقعون أن تطبيق المبدأ العلمانى فى الدولة المدنية ليس نفيًا للدين أو نفيًا لحق المواطن فى ممارسة الشعائر، بل هو دعوة صريحة لفصل الدين عن الدولة ومبادئ التشريع فيها، بما يكفل لكل مواطن حقوقه الأساسية المشروعة: حق التعبير والتفكير والاعتقاد وأهاب الموقعون على البيان بالقائمين على إعادة صياغة الدستور المصرى العمل على تعديل المادة الثانية بما يتوافق مع متطلبات التحديث والإصلاح التى نادى بها شباب ثورة 25 يناير عملا بمبدأ الدين لله والوطن للجميع.
ومن بين أبرز الموقعين على البيان الدكتورة أمينة رشيد والناقد سيد البحراوى والدكتور صبرى حافظ والمخرج يسرى نصر الله والكاتب خالد الخميسى والمؤرخان خالد فهمى وشريف يونس والمترجم خليل كلفت والشاعر محمد كشيك والناقدة مارى تريز والروائيون مى التلمسانى وميرال الطحاوى ومنتصر القفاش والإعلامى ناصر فرغلى.

ولكن من خلال تعليقات القراء على الخبر ستجد تباينا واضحا من مؤيدين، وأغلبهم مسيحيين بالطبع، ومعارضين بشدة بدون حجة واضحة، ومعارضين لديهم حجج موضوعية تتلخص في الآتي:
-1-
ان الاسلام الحقيقي يحترم حريات الآخرين ويكفل لهم حق الاختلاف وممارسة عبادتهم وشعائرهم بحرية تامة في كنف الدولة الاسلامية، بل ويتوجب على المسلم ايضا حماية دور العبادة لاصحاب الديانات الأخرى.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم "من آذى ذميًا فقد آذاني" والذمي: هو غير المسلم الذي يعيش مع مسلمين
أيضا يقول النبي صلى الله عليه وسلم "استوصوا بأقباط مصر خيرًا فإن لكم فيهم ذمة ورحمة"
-2-
يتمسك المسلمون بهذه المادة لوجود آيات وأحاديث صريحة تحرم عليهم عدم التحاكم إلى قرآنهم وشريعتهم
قال تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، وقال جل جلاله أيضًا "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"، وقال تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون" في آيات متعاقبة من سورة المائدة. فالله قد حكم على المسلم الذي لا يرضى بحكم الله ولا يحكم به بأنه إما كافر وإما ظالم وإما فاسق.
وقال تعالى "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا" فالله نفى الإيمان عمن لم يحكم بشرعه.
 فكلها دلالات صريحة على أنه لا يجوز للمسلم أن يولي ظهره لأحكام شريعته
-3-
تنص المادة الثانية من الدستور على أن "مبادئ" الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وكلمة مبادئ هنا محورية فالمادة لم تنص على أن الشريعة هي مصدر التشريع بل "مبادئ" الشريعة، والمعروف أنها تتلخص في العدل والحرية والمساواة. 
-4-
مصر عضوة في العديد من المنظمات والهيئات الاسلامية على مستوى العالم وهي ممثل قوي للدول الاسلامية وتعد منبرا لنشر تعاليم الاسلام في كافة أرجاء الأرض، كما تعد الاختيار الأول للباحثين والدارسين من كافة دول العالم لتعلم اللغة العربية واصول الدين السلامي لوجود الأزهر الشريف بها .

وعليه،

فإن كانت الشريعة تبيح لغير المسلمين أن يتحاكموا فيما بينهم إلى ما يرتضونه من أحكام ولا تلزمهم بأيٍ من أحكامها، فهل ينكر أحد على المسلم الذي يحب ربه ويريد أن يحكمه قرآن ربه وأحكام ربه.

اذا،
ان كنا فعلا نريد حلا عمليا، فإلغاء المادة الثانية من الدستور لن يفيدنا بل سيجرد مصر من هويتها وقد يؤثر سلبا في نفوس الكثيرين
ولكن جميعنا يعلم ايضا أن من هو غير مسلما يرى في المادة الثانية تحيزا لصالح الاسلام على حساب الديانات الأخرى، وهو من وجهة نظر المساواة والمواطنة والشعور بالانتماء يعد امرا مثيرا للجدل.


فما الحل اذا؟

الحل ببساطة هو:

ان كنا متفقين جميعا، اننا نعيش في مصر، أقباطا ، مسيحيين ومسلمين لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات
وطالما نحن متفقون جميعا ان المسلمين يقبلون المسيحيين ويحترمونهم ويحترمون ديانتهم كما يحترمهم المسيحيون ويكنون للاسلام كافة التقدير والاحترام
ومادمنا متفقون ان الاسلام لا يفرض الاحتكام للشريعة الاسلامية لمن هم غير مسلمين
كذلك نحن متفقون أن أغلبية المصريين مسلمين ولكن هناك عدد ليس بقلة من المسيحيين وكلاهما مصريين

فلماذا إذا نتناقش ونتجادل على إزالة كل هذه الحقائق وتجاهلها بدلا من شرحها وتقنينها وجعلها دستورا نحتمي كلنا تحت مظلته وتخرج قوانينا كلها بروحه وفلسلفته.
لماذا لخًصنا كل ما نحن متفقون عليه بالفعل في مادة واحدة مثيرة للجدل لغموضها وخضوعها للقيل والقال في حين أنها ان شرحت وبسطت سترضي جميع الأطراف.

من هنا أنادي اساتذتنا الدستوريين الفقهاء بتفصيل المادة لتشملنا جميعا بدلا من مجرد اللجوء للحل الاسهل والمثير للفتن وهو اذالتها.

لا أعلم ما هي الصيغة المناسبة ولكن لتكن على سبيل المثال:

" الإسلام هو الدين الرسمي للدولة باعتباره دين الأغلبية، أما الأقلية المسيحية من المصريين فلهم نفس حقوق الأغلبية المسلمة وعليهم نفس الواجبات، دون تحيز لفئة على حساب الأخرى، واللغة العربية هي اللغة الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، ويحتكم غير المسلمين لما تنص عليه معتقداتهم إن وجد تعارضا."


No comments:

Post a Comment

I said what I thought, if you have something you want to say, be my guest