Thursday, April 12, 2012

رؤية تأملية غير تقليدية في مثل الوزنات




يقول السيد المسيح في إنجيل مت 25 : 14 – 30
14"ويُشبِهُ مَلكوتُ السَّماواتِ رجُلاً أرادَ السَّفَرَ، فدَعا خدَمَهُ وسَلَّمَ إلَيهِم أموالَهُ، 15كُلُّ واحدٍ مِنهُم على قَدْرِ طاقَتِهِ. فأعطى الأوّلَ خمسَ وزَناتٍ مِنَ الفِضَّةِ، والثّاني وزْنَــتَينِ، والثّالثَ وزنَةً واحدةً وسافرَ. 16فأسرَعَ الَّذي أخذَ الوَزَناتِ الخَمسَ إلى المتُاجَرةِ بِها، فربِـحَ خَمسَ وزَناتٍ. 17وكذلِكَ الَّذي أخذَ الوَزْنَتينِ، فرَبِـحَ وزْنَتينِ. 18وأمّا الَّذي أخذَ الوَزْنَة الواحدَةَ، فذهَبَ وحفَرَ حُفْرةً في الأرضِ ودفَنَ مالَ سيَّدِهِ.
19وبَعدَ مُدّةٍ طويلةٍ، رجَعَ سيَّدُ هؤُلاءِ الخَدَمِ وحاسَبَهُم. 20فجاءَ الَّذي أخَذَ الوَزَناتِ الخَمسَ، فدَفَعَ خَمسَ وزَناتٍ مَعَها وقالَ: يا سيَّدي، أعطيتَني خَمسَ وَزَناتٍ، فخُذْ خَمسَ وزَناتٍ رَبِحتُها. 21فقالَ لَه سيَّدُهُ: أحسَنتَ، أيٌّها الخادمُ الصالِـحُ الأمينُ! كُنتَ أمينًا على القليلِ، فسَأُقيمُكَ على الكَثيرِ: اَدخُلْ نَعيمَ سيَّدِكَ.
22وجاءَ الَّذي أخَذَ الوَزْنتَينِ، فقالَ: يا سيَّدي،
أعطَيتَني وزْنَــتَينِ، فخُذْ معَهُما وزْنتَينِ رَبِحتُهُما. 23فَقالَ لَه سيَّدُهُ: أحسنتَ، أيٌّها الخادِمُ الصّالِـحُ الأمينُ! كُنتَ أمينًا على القَليلِ، فسأُقيمُكَ على الكَثيرِ: اَدخُلْ نَعيمَ سيَّدك
24وجاءَ الَّذي أخَذَ الوَزْنةَ الواحِدَةَ، فقالَ: يا سيَّدُ، عَرَفْتُكَ رجُلاً قاسِيًا، تحصِدُ حيثُ لا تَزرَعُ، وتَجمَعُ حيث لا تَبذُرُ، 25فخِفتُ. فذَهبتُ ودفَنْتُ مالَكَ في الأرضِ، وها هوَ مالُكَ. 26فأجابَهُ سيَّدُهُ: يا لَكَ من خادِمِ شِرّيرٍ كَسلانَ! عَرَفتَني أحصِدُ حَيثُ لا أزرَعُ وأجمَعُ حيثُ لا أبذُرُ، 27فكانَ علَيكَ أنْ تضَعَ مالي عِندَ الصَّيارِفَةِ، وكُنتُ في عَودتي أستَرِدٌّهُ معَ الفائِدَةِ. 28وقالَ لخَدَمِه: خُذوا مِنهُ الوَزْنَةَ واَدْفَعوها إلى صاحِبِ الوَزَناتِ العَشْرِ، 29لأنَّ مَنْ كانَ لَه شيءٌ، يُزادُ فيَفيضُ. ومَنْ لا شيءَ لَه، يُؤخذُ مِنهُ حتى الَّذي لَه. 30وهذا الخادِمُ الَّذي لا نَفْعَ مِنهُ، اَطرَحوهُ خارِجًا في الظّلامِ. فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأسنانِ."

فما هي الوزنات هذه التي تزداد لمن له منها، وتؤخذ ممن لا يملكها؟ أهي العطايا والمواهب الذاتية؟ أهي العلم والصحة والمال والمناصب؟ أهي عملك؟
للأسف كثيرون يظنونها هكذا؛ فيعتبرون العمل وزنة يجب الاهتمام بها والنمو فيها والتركيز المطقن في كل ما يتعلق بها، ويعتبرون الصحة وزنة والجسد وزنة يجب الاهتمام به ورعايته وتنميته في كمال، والعلاقات وزنات، فيجب تمضية الوقت مع الاسرة والاهتمام بالأبناء والقلق على مستقبلهم "لأن الله سيسألنا عليهم في الدينونة" أليس كذلك؟ بل والخدام يرون الخدمة وزنة، ويشعرون أن دورهم هام للغاية وتعتمد عليه خدمتهم، وتغيبهم يعني بالضرورة سقوط الخدمة أو إضعافها.
إن كانت هكذا رؤيتنا عن الوزنات، وإن كان الاهتمام بالعالم ومحتوياته هو وزنتنا، فما نفعله هو دفنها كي "نحافظ عليها" ونسلمها سليمة لصاحبها. أليس كذلك؟
ولكن السيد المسيح لم يكن يتكلم عن "الحفاظ" على الوزنة، بل بالعكس، لقد رفض من حافظ عليها واعتبره جبانا أنانيا، وكان يفضل أن يعطي وزنته للصيارفة لينتفعوا منها، ويفيدوا بها آخرون، من أن يبقيها على حالها. بل مدح من تاجرا فيها، من تركاها في يده لتنموا وتثمر وتكثر بحسب مشيئته. أوليست التجارة مجازفة؟ أوليست التجارة تتطلب التضحية بما معنا الآن، أملا في مكسب أكبر في المستقبل؟
خطية صاحب الوزنة الواحدة هي ببساطة "الخوف" على فقدان الوزنة؛ فدفنها.
فمثل الوزنات لا يعني أبدا الإشادة بالاهتمام بالأمور الدنيوية الجسدية الترابية؛ اليس السيد المسيح نفسه هو القائل:
·        مت 10 37 "مَنْ أحبَّ أباهُ أو أمَّهُ أكثرَ ممّا يُحِبُّني، فلا يَسْتحِقُّني. ومَنْ أحبَّ ا‏بنَهُ أو بِنتَهُ أكثرَ ممّا يُحبُّني، فلا يَسْتحِقُّني."
·        وقال أيضا:
·        يو 12 25 "مَنْ أحبَّ نَفسَهُ خَسِرَها، ومَنْ أنكَرَ نَفسَهُ في هذا العالَمِ حَفِظَها للحَياةِ الأبديَّةِ."
·        مر 10 21" فنَظَرَ إلَيهِ يَسوعُ بِمحَبَّةٍ وقالَ لَه يُعْوزُكَ شيءٌ واحدٌ ا‏ذهَبْ بِــــعْ كُلَّ ما تَملِكُه ووَزِّعْ ثَمنَهُ على الفُقَراءِ، فيكونَ لكَ كَنزٌ في السَّماءِ، وتَعالَ ا‏تْبَعني".
·        لو 18 22" فلمَّا سمِعَ يَسوعُ كلامَهُ هذا، قالَ لَهُ يُعْوِزُكَ شيءٌ واحدٌ، بِـــــعْ كُلَّ ما تَملِكُ ووَزِّعْ ثَمنَهُ على الفُقراءِ، فيكونَ لكَ كَنزٌ في السَّماواتِ، وتَعالَ ا‏تبَعْني."
·        مت 19 21 "أجابَهُ يَسوعُ إذا أردتَ أنْ تكونَ كامِلاً، فا‏ذهَبْ وبِـــــعْ ما تملِكُهُ ووَزِّعْ ثمَنَهُ على الفُقراءِ، فيكونَ لكَ كنزٌ في السَّماواتِ، وتعالَ ا‏تْبَعْني"
·        كذلك تجد،
·        1يو 2 15 "لا تحِبُّوا العالَمَ وما في العالَمِ. مَن أحبَ العالَمَ لا تكونُ مَحبَّةُ الآبِ فيهِ."
·        1يو 3 16 "ونَحنُ عَرَفنا المَحبَّةَ حينَ ضَحَّى المَسيحُ بِنَفسِهِ لأجلِنا، فعَلَينا نَحنُ أنْ نُضَحِّيَ بِنُفوسِنا لأجلِ إخوَتِنا."

فكيف نضحي إذا بشئ إن كان وزنة سنسأل عليها (بالمفهوم التقليدى للوزنات)، إذن فمثل الوزنات يعني العطاء بكرم ووفرة مما أعطاه الله لنا، وليس التمحور حوله والحفاظ عليه خوفا من السؤال عنه.
ولنسأل أنفسنا وندع الروح القدس يجيب؟ ماذا يريد الله منا: أن ننمو في أعمالنا وننغمس في خدمة المناصب والكراسي، أم نترك كل شئ متمحور حول ذواتنا لخدمة اسمه القدوس، "فباطل الأباطيل الكل باطل"؟ ، هل سيحاسبنا الله بقدر ما نملكه من ثروات، فالأغني يرث الملكوت والأفقر يستحق الظلمة الأبدية؟ هل أعطاك الله ذكاءً، لكي تنميه؟ أم لكي تقدمه له، فينميه هو؟ هل أعطاك الله نسلا فتخشى على مستقبلهم فتقيد حريتهم لتطئن على أمنهم الجسدي فتفقدهم الاحساس بالحياة واكتشاف رسالة الله لهم؟ أم تتركهم لخالقهم، ترعاهم بحب دون خوف أو استحواذ؟

فالملكوت الذي شبه به الله الوزنات، هو مُلك الله على حياتنا، وذواتنا، ومواهبنا، فالوزنات ليست العالم، ولا مواهبة، ولا عطاياه، بل هي ترك كل شئ لله وعدم الاهتمام بالذات، بل بالآخرين من حولنا،
1بط 4 10 "وليَضَعْ كُلُّ واحدٍ مِنكُم في خِدمَةِ الآخَرينَ ما نالَهُ مِنْ مَوهِبَةٍ، كَوُكَلاءَ صالِحينَ على مَواهبِ اللهِ المُتَنوِّعَةِ" 
.
فبعد مثل الوزنات أكمل السيد المسيح كلامه بالآيات التالية: 

31"ومَتى جاءَ اَبنُ الإنسانِ في مَجدِهِ، ومعَهُ جميعُ ملائِكَتِهِ يَجلِسُ على عرشِهِ المَجيدِ، 32وتَحتَشِدُ أمامَهُ جميعُ الشٌّعوبِ، فيُفرِزُ بَعضَهُم عَنْ بَعضٍ، مِثلَما يُفرِزُ الرّاعي الخِرافَ عَنِ الجداءِ، 33فيَجعَلُ الخِرافَ عَنْ يَمينِهِ والجِداءَ عن شِمالِه. 34ويقولُ المَلِكُ للَّذينَ عن يَمينِهِ: تَعالَوا، يا مَنْ باركهُم أبـي، رِثُوا المَلكوتَ الذي هَيَّـأهُ لكُم مُنذُ إنشاءِ العالَمِ، 35لأنَّي جُعتُ فأطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقَيْتُموني، وكُنتُ غَريبًا فآوَيْتُموني، 36وعُريانًا فكَسَوْتُموني، ومَريضًا فَزُرتُموني، وسَجينًا فجِئتُم إليَّ. 37فيُجيبُهُ الصّالِحونَ: يا ربٌّ، متى رأيناكَ جوعانًا فأطْعَمناكَ؟ أو عَطشانًا فَسَقيْناكَ؟ 38ومتى رَأيناكَ غَريبًا فآويناكَ؟ أو عُريانًا فكَسوناكَ؟ 39ومتى رَأيناكَ مَريضًا أو سَجينًا فزُرناكَ؟ 40فيُجيبُهُمُ المَلِكُ: الحقَّ أقولُ لكُم: كُلَ مَرَّةٍ عَمِلْتُم هذا لواحدٍ من إخوتي هَؤلاءِ الصَّغارِ، فلي عَمِلتُموهُ!
41ثُمَّ يَقولُ لِلَّذينَ عَنْ شِمالِهِ: اَبتَعِدوا عنَّي، يا ملاعينُ، إلى النّارِ الأبدِيَّةِ المُهيّـأةِ لإبليسَ وأعوانِهِ: 42لأنَّي جُعتُ فما أطعَمْتُموني، وعَطِشتُ فما سَقَيْتُموني، 43وكُنتُ غَريبًا فما آوَيْتموني، وعُريانًا فما كَسَوْتُموني، ومريضًا وسَجينًا فما زُرْتُموني. 44فيُجيبُهُ هؤُلاءِ: يا ربٌّ، متى رأيناكَ جوعانًا أو عَطشانًا، غريبًا أو عُريانًا، مريضًا أو سَجينًا، وما أسْعَفْناكَ؟ 45فيُجيبُهُم المَلِكُ: الحقَّ أقولُ لكُم: كُلَ مرَّةٍ ما عَمِلتُم هذا لِواحدٍ مِنْ إخوتي هؤلاءِ الصَّغارِ، فلي ما عمِلتُموهُ. 46فيذهَبُ هؤُلاءِ إلى العَذابِ الأبديَّ، والصّالِحونَ إلى الحياةِ الأبدِيَّةِ".

أخيرا، تذكر أن: 

1كور 13 8 "المَحبَّةُ لا تَزولُ أبَدًا. أمَّا النُّبوّاتُ فتَبطُلُ والتَّكَلُّمُ بِلُغاتٍ ينتَهي. والمَعرِفَةُ أيضًا تَبطُلُ."



مقالة أخرى عن مثل الوزنات تعبر عن الرأي القديم للمثل:

مــثـال فــي الـنـمـو والـعمل
يبدأ المثل بعبارة كإنما إنسان مسافر “.هذا المسافر هو السيد المسيح له المجد، منذ صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب (مر16 : 19). وقد صعد لكي يعد لنا مكاناً (يو 14 : 2). وقد ورد في المثل أن سفره استمر “زماناً طويلاً”. ويعنى بهذا الفترة مابين الصعود والمجيء الثاني.
وقبل سفره دعا عبيده، وسلمهم أمواله هنا عبارة عبيده تعنى كل البشر من خدامه، بما فيهم الصالح والشرير. وسلمهم أمواله أعطاهم كلهم وزنات سلّم كل إنسان عمله، وما يجب عليه من مسئولياتلقد أعطى الكل بلا إستثناء…غير أن البعض تاجر وربح، والبعض أهمل وزنته ولم يعمل بها. وإن ادعى البعض أنه لم يأخذ، يكفيه نفسه فهي وزنة.
ماهي الوزنــات ؟
  • هي مواهب من الله، ومقدرات، وفرص أعطيت لكل واحدأو هي مسئوليات، كما قيل “أعطى البعض أن يكونوا رسلاً، والبعض أنبياء والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلمين… لعمل الخدمة، لبنيان جسد المسيح” (أف 4 : 11، 12).
  • وقد تكون مواهب الروح . كما قيل “أنواع مواهب موجودة. ولكنه لكل واحد يُعطى إظهار الروح للمنفعة ” (1كو12:4،7)ومن بين ذلك: المواهب: كلمة حكمة، كلام علم ، إيمان، مواهب شفاء، عمل قوات، نبوة،تمييزأرواح،ألسنة،ترجمة ألسنة، “قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء” (1كو 12: 8- 11).
  • وقد تكون بركات روحية أو مادية، للخدمة بها: مثل الغنى، العلم، الفهم والذكاء. موهبة صلاة تعليم، تأثير روحي، قدره على الإقناع، قدرة على الإفتقاد. وقد تكون الوزنة هي عقولنا، وقوانا.
  • بل إن أجسادنا وأرواحنا، هي أيضاً وزنات، قال عنها الرسول ” فمجدوا الله في اجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله ” (1كو 6 : 20).
  • وقد تكون الوزنة سلطة أعطيت لنا لنستخدمها لملكوت الله .أيها وزنات متنوعة ومتعددة “حسبما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان” (رو12: 3)
ملاحظات هامة:
+ المهم أن يكتشف كل واحد وزناته ويستخدمها. كما أنه على الكنيسة أن تكتشف وزنات المخدومين، وترشدهم في كيفية استخدامها.
+هذه الوزنات أعطيت لنا، لننفذ بها مشيئة الله علىالأرض،وليست للفخروالمجدالباطل أنهم وصلوا للملء
+أعطيت لناالمواهب لمدةمحددةهي االعمرالأرضي كماأنهامواهب يمكن أن تزيدبالحكمةوحسن الاستخدام
+ويجب أن نعرف جيداً، أن كل وزناتنا معطاة لنا من الله .وكما يذكر هذا المثل أن السيد أعطى واحداً
خمس وزنات، وآخر وزنتين، وآخر وزنة” إذن كلها عطايا منه. وكما يقول الكتاب “كل عطية صالحة، وكل موهبة تامة، هي من فوق، نازلة من عند أبي الأنوار” (يع 1 : 17).
+ والمعروف أنه كلما ازدادت وزنات إنسان، تزداد مسئوليته أيضاً .
وكما يقول الكتاب “كل من أعطى كثيراً، يُطلب منه كثير” (لو 12: 48). “والذي يعرف أكثر، يطالب بأكثر
وزنات متنوعــة :
وزنات مختلفة في كميتها وفي نوعيتها : خمس ، وإثنتين، وواحدة، “حسبما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان ” (رو 12 : 3) .
أصحاب الخمس وزنات : هم أصحاب المواهب الفائقة للطبيعة، كالذين أخذوا صنع الآيات والمعجزات ومواهب الروح، أو الذين أخذوا سلطاناً كبيراً من الله مثل الآباء الرسل والأنبياء، وكبار القديسين، وأبطال الإيمان ورؤساء الكنائس. أو أخذوا مسئوليات متعددة مثل القديس بولس الرسول .
أصحاب الوزنات الخمس هم شخصية قليلة في العضوية العامة للكنيسة.
أصحاب الوزنة الواحدة هم المؤمنون العاديون :
أصحاب الوزنتين هم الوضع المتوسط بين أصحاب الخمس وزنات وأصحاب الوزنة الواحدة. هؤلاء لايرتفع قلبهم لأنهم لم يأخذوا خمس وزنات. ولايكتئبون كالذي لم ينل سوى وزنة واحدة. إنهم في وضع متوسط من جهة القدرة ومن جهة نوع العمل أيضاً.من جهة الغنى : ليس عندهم الغنى الهائل، كما كان سليمان الحكيم، وقاده الغنى إلى الرفاهية التي قال فيها ” ومهما اشتهته عيناي، لم أمسكه عنهما” (جا2 : 10). ولا هم في حالة الفقر والعوز مثل لعازر المسكين، الذي كان يشتهى الفئات الساقط من مائدة الغنى” (لو16: 21). بل هم في وضع اقتصادي متوسط.ومن جهة العقلية : لاهم من أصحاب العقليات الكبيرة كالعلماء والفلاسفة، ولاهم من أصحاب عقلية بسيطة كالعوام، لكنهم في وضع متوسط في المواهب البشرية.
حتى في الروحيات، هم في الوضع المتوسط، لاهم في الدرجات الروحية العليا. ولاهم من الناس العاديين. بل هم أبناء للكنيسة ولهم ممارساتهم الروحية وخدماتهم، ومسؤلياتهم الكهنوتية أو العلمانية .
وحينما مدح السيد الذين تاجروا وربحوا، لم يمدحهم بسبب الكمية،وإنما لأن كل منهم صالح وأمين فقال “نعماً أيهاالعبدالصالح.كنت أميناًفي القليل.”(ع 21، ع 23)وقدذكرناأن الرب يعطي مواهب متنوعة في (1كو 12).
على أن الله ليس بظالم في هذا التوزيع، وإنما يقال في مثل الوزنات إنه أعطى “كل واحد على قدر طاقته ” (ع15). وعلى كلٍ :ليس المهم هو كثرة المواهب، إنما كيفية استخدامها لأجل الرب .
كلما أنه في تمثيل أية رواية، ليس المهم نوع الدور الذي يقوم به الممثل،وإنما درجة إتقانه لهذا الدور .
فلا ترتفع قلوبنا إن كانت وزناتنا أكثر،ولا نكتئب إن كانت وزناتنا قليلة
أما كون المواهب متنوعة، فهذا أمر طبيعي ولازم.لأن هذا التنوع يوجد جواً من التكامل نافعاً للخدمة والطبيعة نفسها خلقها الله بهذا التنوع. ولكنه تنوع متناسق .
في الترحيب بالسيد المسيح عند دخوله أورشليم، عبر البعض عن فرحتهم وإجلالهم، بأغصان الزيتون، أو بفرش ملابسهم في الطريق، أو بهتافهم “أوصنا ياابن داود”.
ومثل هذا الاختلاف في نوعيته ، كان حتى بين الرسل والأنبياء.بولس الرسول أخذ وزنة في عقليته الكبيرة، وبطرس الرسول أخذ وزنة في حماسه واندفاعه. ايليا النبي كانت وزنته هي الغيرة المتقدة. وأرميا النبي كانت له وزنة في  الحساسية والدموع. وموسى النبي كانت وزنته هي الوداعة والحلم، بينما أيوب الصديق كانت وزنته هي الاحتمال سليمان أعطى من الله الحكمة، ويوسف ودانيال أعطيا تفسير الأحلام والرؤى. المعمدان وهبه الله إنكار الذات والخدمة القصيرة الزمن العميقة المفعول. وابراهيم أبو الآباء وزنته الإيمان والطاعة
إن المهم ليس نوع الوزنة أو مقدارها، إنما الأمانة في استخدامها.
أيها الصالح والأميــن :
مفتاح هذا المثل كله هو الأمانة في الوزنات المعطاة.
وهذا واضح من قول الرب لكل من صاحب الخمس الوزنات وصاحب الوزنتين: نعماً أيها العبد الصالح والأمين. كنت أميناً في القليل، فأقيمك على الكثير” (ع21 ، ع 23).
الأمانة في الخدمة هي التي توسع الخدمة.سواء في القليل أو الكثير.لأنه لعل أحدهم يقول “أنا لم آخذ من الله إلا قليلاً، وزنة واحدة! لو كان الله قد أعطاني كذا وكذا، مثل فلان وفلان، لعملت… وعلمت… نقل له : أنت تظن ذلك. وهوذا الكتاب يقول في المثل إن السيد ” أعطى كل واحد على حسب قدرته” (ع15). وحتى لو كنت تاجرت وربحت في الوزنة الواحدة التي أعطاك الله إياها، لكنت قد نلت نفس الطوبى التي نالها صاحب الخمس وزنات .وأعلم أن البعض أخذ خمس وزنات أو وزنتين، وفشل بسبب عدم أمانته.
يهوذا أخذ خمس وزنات، إذ كان واحداً من الإثنى عشر رسولاً، بكل مواهبهم. وتميز بأن الصندوق كان عنده.وكان في العشاء يجلس قريباً من المسيح، ويغمس معه في الصحفة (مر 14: 20). وهلك ! ولم تنفعه وزناته.
بالأمانة ممكن أن الوزنة الواحدة تربح، والقليل المعطى لك يصير كثيراً .
الخادم (الصالح والأمين) يكون صالحاً من جهة روحه، من جهة علاقته بالله. وأميناً في خدمته، واستخدامه لوزناتـه …..
ولكي تكون أميناً، ينبغي أن تعرف الواجب المطلوب منك، وتتممه. وحتى إن كانت لك وزنة واحدة، ستجدها – بأمانتك – تنمو وتكبر. إن أية نار تنفخ فيها سوف تشتعل أكثر.
أنظر إلى الوزنة التي أخذتها. وهل أنت تعمل بها أم لا ؟ وهل تعمل بها من أجل مجد الله وملكوته ؟
لم تعمل بها من أجل الفخر والمجد الباطل، والبحث وراء المديح والكرامة ! أي من أجل نفسك فقط. كإنسان أعطاه الله غنى، يستخدمه لأجل نفسه ! أو أعطاه الله موهبة عقلية أو فنية، فيستخدمها لأجل نفسه فقط. المهم أن تتاجر بوزنتك وتربح، لملكوت الله. فما معنى عبارة تتاجر وتريح “؟ وما أهميتها ؟ .
صاحب الوزنة الواحـــدة :
صاحب الوزنة الواحدة لم يقل الكتاب إنه فقد وزنته أو أساء استخدامها. إنما كل ذنبه أنه لم يتاجر بها ويربح
لأن الروحيات ليس لها الجانب السلبي فقط، بمعنى إنني لا أفقد وزنتي… بل لها العنصر الإيجابي أي أن أعمل بها خيراً. صاحب الوزنة الواحدة لم يستخدمها في الشر، وأيضاً لم يعمل بها خيراً. لذلك عاقبه الله. لماذا ؟ لأنه لم يتاجر ويربح.
عبارة (تتاجر بها وتربح) تنطبق على الكل، وبولس الرسول كمثال :
أنظر كم من الوزنات كانت له ؟ هذا الذي اختطف إلى السماء الثالثة (2كو 12: 2). والذي تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15 : 10). والذي تحمل آلاماً أكثر من جميعهم (2كو 11) والذي كتب 14 رسالة… ومع ذلك يقول “لست أحسب أنني قد أدركت أو صرت كاملاً … ولكنني أفعل شيئاً واحداً … أنسى ماهو وراء، وأمتد إلى ماهو قدام. أسعر نحو الغرض” (في 3: 13) أي أنه لايزال يتاجر ويربح .
وكيف يربح ؟ يقول إنه صار لليهودي كيهودي ليربح اليهود. وصار للذين بلا ناموس كأنه بلا ناموس، ليربح الذين بلا ناموس. بل يقول ” صرت للكل كل شيء، لكي أخلص على كل حال قوماً ” (1كو 9 : 19- 22).
أعطاك الله وزنة . لابد أن تتاجر بها وتربح . تنفع بها الكنيسة والمجتمع، وتنفع بها نفسك.
أما الذي لايصنع بوزنته خيراً، فهو ليس أهلاً للشركة مع الله. لأن الله صانع الخيرات “يجول ويصنع خيراً ” (أع 10 : 38).
لابد أن تكون أيضاً صانع خيرات، على قدر ما أعطيت من وزنات. تتاجر وتتعب وتربح. وكل واحد “سينال أجرته بحسب تعبه ” (1كو 3 :8). وقد قال الرسول كونوا راسخين غير متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب ” (1كو15:58).
مكافأتنا في السماء، ستكون بمقدار ماتاجرنا وتعبنا وربحنا.
والدينونة في الأدبية لاتكون على الذين حاولوا وفشلوا. بل بالأكثر على الذين لم يحاولوا. ومشكلة صاحب الوزنة الواحدة، أنه لم يحاول. بل أخذها ودفنا واخفاها (ع18) .
أنت إذن تتاجر، والله هو الذي يدبر الربح.أنت تغرس وتسقى. والله هو الذي ينمي ” (1كو 3 :7).
لماذاعليك أن تتاجر وتربح بوزنتك؟لأنه يقول :كل شجرة لاتصنع ثمراً، تقطع وتلقى في النار(مت 3 : 10).
لاتحاول أن تلتمس لنفسك اعذاراً، كما فعل صاحب الوزنة الواحدة. كل مافي الطبيعة يعمل عملاً حتى الملائكة، ماعدا الإنسان الذي يهمل ويختفى وراء مبررات ! !
عالمنا ليس ملعباً نلهو فيه، ولا هو مخدعاً ننام به ! بل هو حقل ينبغي أن يمتلىء بالثمار. عيب صاحب الوزنة الواحدة كان في داخله، لأنه كسول لايعمل. صدقوني لو أعطاه الرب خمس وزنات، كان دفنها أيضاً .
وعينه أيضاً في فكرته السيئة عن الله. يقيول للرب : عرفت أنك إنسان قاسٍ . تحصد من حيث لاتزرع “أسلوب غير مؤدب… يقدم أعذاراً واعذاره خطايا. إنه ينسب لنفسه المعرفة، ويدين الله نفسه. وفي قلبه التذمر والانتقاد .عجيب أن أكثر الناس تذمراً وانتقاداً، هم أقلهم عملاً .
المفروض أنك لاتنظر إلى ما عندك إنه قليل. بل تكون أميناً في استخدامه ليصير كثيراً. وعموماً ما لاتستخدمه ، تكون عرضة أن تفقده .

No comments:

Post a Comment

I said what I thought, if you have something you want to say, be my guest