Thursday, March 15, 2012

الملاك والشيطان -- قصة قصيرة

حكى أن ملك ايطاليا دعا رساما ً شهيرا ً و أمره برسم صورتين مختلفتين و متناقضتين عند باب اكبر كنيسة في روما.
الملك امر الرسام بأن يرسم صوره لملاك، ومقابلها صوره للشيطان، لرصد الاختلاف بين الفضيله و الرزيله.
فقام الرسام بالبحث عن مصدر يستوحي منه الصور، وعثر على طفل بريء و جميل، تطل السكينه والبراءة والطيبه من وجهه الابيض الجميل المستدير، و تغرق عيناه في بحر من السعادة.
ذهب معه الى اهله و استأذنهم في استلهام صوره الملاك من وجه طفلهم، فرحبوا على الفور واستضافوا الفنان طوال فترة رسمه بكرم ضيافة لا مثيل له، فقضي الفنان أجمل أيام حياته في تلك القرية الجميلة مع أهل الطفل الكرام
و بعد بضعة أشهر اصبح الرسم جاهزا ًو مبهرا ً للناس.
و كان نسخه من وجه الطفل مع القليل من ابداع الفنان ..و لم ترسم لوحه اروع منها في ذلك الزمان.

و بدأ الرسام في البحث عن شخص يستوحي منه وجه صوره الشيطان
و كان الرجل جادا ً في الموضوع، لذا بحث كثيرا ً
و طال بحثه لاكثر من ثلاثين عاما ً ..
و اصبح الملك يخشى ان يموت الرسام قبل ان يستكمل التحفه التاريخيه، فاعلن عن جائزه كبرى ستمنح لاكثر الوجوه اثاره للرعب و القبح و النفور .
و قد زار الفنان السجون، والمصحات النفسيه والحانات، وحتى أوكار المجرمين، لكنهم جميعا ً كانوا يحملون ملامح بشرية.
و ذات مره، طلب الملك من الفنان أن يحضر إليه على الفور، فحضر الفنان مسرعا ولم يظن أن الملك قد استطاع أخيرا أن يجد الشخص المنشود.
فما أن وصل الفنان حتى أخذه الحاكم إلي غرفة في قبو القصر ليكشف له عن  {الشيطان} ...!
و كان قبيح المنظر .. كريه الرائحه .. اصلع .. وله شعرات تنبت في وسط رأسه كأنها رؤوس الشياطين !!
ووجهه وجسده مملوئين بالقرح والجروح و كان عديم الروح، كسير النفس ولا يأبه بشيء،يصدر اصواتا مزعجة، و فمه خالٍ من الاسنان
أخبر الحاكم الفنان أن رجاله طافوا المسكونة كلها كي يجدوه،
حتى وجده أحدهم في إحدى الحانات القذرة يتجرع زجاجه خمر في زاويه ضيقه مظلمة ..
ففرح به الحاكم لان العثور عليه سيتيح استكمال تحفته الفنيه الغاليه، كما فرح به الفنان لأنه سيستطيع أخيرا إكمال لوحته.

جلس الرسام امام الرجل و بدأ برسم ملامحه مضيفاً اليها ملامح (الشيطان)
...
و ذات يوم ..واثناء استكمال اللوحه الفنيه
التفت الفنان الى الشيطان الجالس امامه و اذا بدمعه تنزل على خده  ..
فاستغرب الموضوع  . .
و سأله اذا كان يريد ان يدخن او يحتسي الخمر ..!
فهز رأسه بالرفض وهو يصدر صوتا اقرب الى البكاء المختنق،
ثم حاول الفنان إكمال اللوحة، وكلما تعمق أكثر في ملامح الرجل استشعر شيئا غريبا، كأن أحدا يمسك بيده ويحاول أن يخط ملامح الوجه كأنه يعرفها، فتوقف الفنان واقترب من الرجل ثانية بحذر – فهو يظنه الشيطان – محاولا معرفة سر ارتباطه به، ثم سأله بحذر "من أنت" ؟
فلم يجبه الرجل، بل فتح فاه ليريه أن لسانه مبتور
ثم نظر إليه نظرة غريبة
نظرة أقرب إلي العتاب من الاستنكار
فنظر الفنان إلي عينيه بعمق وحذر
ليقرأ سؤالا عليهما
ألا تتذكرني أيها الفنان العظيم؟
عندما زرتني منذ اكثر من ثلاثين عاما ً ..
حين كنت طفلا ً صغيرا ً
و استلهمت من وجهي صوره الملائكه ..
وانت اليوم تستلهم مني صوره الشيطان  !!
و انفجرت الدموع من عينيه .. و ارتمى على كتف الفنان ..
فصعق الفنان من هول المفاجأة وقرر ألا يكمل لوحته
و جلسا الاثنان معا ً يبكيان امام صوره الملاك

وصادف أن الملك كان يراقب الفنان أثناء ذلك المشهد، ليأتي مسرعا إليهما منهمرا في البكاء، مرتميا تحت قدمي الرجل المشوه، طالبا منه العفو والغفران
فاستغرب الفنان موقف الملك وطلب منه التوضيح فأخبره الملك أنه بعد أن رسم الفنان صورة الملاك ومرت بضعة سنوات لم يجد الفنان فيها أحدا ذو ملامح شيطانية، نصح أحد علماء القصر الملك بأن يخطف الطفل الملاك ويحتجزه في مكان مهجور ليجري عليه تجارب شيطانية ويحوله إلي الشيطان الذي ينشده الملك في لوحته، ولأن الطفل كان يعيش في سلام وخير ورخاء وحب مما اكسبه الملامح الملائكية، فإن حرمانه من كل ذلك سيحوله إلي النقيض بلا شك: فقتل عائلته كلها أمامه واحدا تلو الآخر، وحرمه الشمس والهواء والماء النظيف، وقيد حريته، ومزق أوصاله وكسر أسنانه، وأخذ يجرعه الكراهية والغضب وروح الشر يوما بعد يوم على مدار الثلاثون عاما، فلما لم يجد الفنان شخصا على وجه الأرض يشبه الشيطان، أمر الملك بقطع لسان الرجل، كي لا يخبر أحدا أنه هو نفسه الطفل الملائكي، وقدمه للفنان ليرسمه.
لم يصدق الفنان ما سمعه من هول الدهشة والاستنكار، وهرع مسرعا خارج القصر وهو يجهش في البكاء وغادر المدينة كلها.
وبعد مرور عدة سنوات، سمع الفنان أن هناك لوحة شهيرة يأتي إليها كل الناس من جميع أقطار المسكونة ليشاهدوها وهي تحمل اسم
 "الملاك والشيطان" ،
فخفق قلب الفنان بشدة، وانطلق إلي حيث اللوحة واخترق الحشد المزدحم حولها لتقع عينيه على أعظم لوحة رأتها عيناه: صورة الرجل المشوه يحمل الطفل الجميل ويحاول الهروب به من يد الشيطان الذي كان يحمل وجه الملك وتحت الصورة مكتوب العبارة التالية باللاتينية والإيطالية :
Diabolus enim non credentes, omnes angeli
Il diavolo e` quello che non puo` credere che siamo tutti angeli dentro




الترجمة
The devil is that who cannot believe that we are all angels inside
الشيطان هو من لا يؤمن أن بداخل كل إنسان ملاكا يعيش فيه

Thursday, March 1, 2012

أربعة لصوص يسرقون الزواج!

كثير من الزيجات تبدأ سعيدة جدا، مليئة بالحب والرومانسية، والتفاؤل والتقارب والتناغم، ثم تنحرف عند نقطة معينة أو "شئ" يحدث في لحظة ما في يوم من الأيام فيتحول الحلم الجميل إلي كابوس مزعج، وتبدأ الرحلة الجميلة طريقا مظلما يسرق سر هذا الإرتباط المقدس.

نقطة التحول تلك لا تخرج عن واحدة من هؤلاء اللصوص الأربعة
:
(مال يستعبدك، أو مرض يعجزك، أو شخص يربكك، أو فكرة تسيطر عليك)






1-  المال:

وهو لص خطير قادرا على سلب سعادتك الزوجية بطرق شتى، وليس بسبب كثرته أو قلته، بل بسبب الاهتمام به، فالإنشغال بالمال قادرا على قتل وتدمير العلاقة الأسرية، سواء بسبب ديون وقعت فيها الأسرة، أو اللهث وراء سراب مستوى مادي معين  أو وهم وسط  إجتماعي ما. فالديون أو عبودية المال قادرة على إفساد السعادة الزوجية وتحويل السلام الأسري وراحة البال إلي قلق وإضطراب وحزن وتعاسة زوجية قاتلة.

وأفضل طريق للوقاية منه هي ببساطة القناعة، لا تظن أبدا أن الارتقاء الاجتماعي طموحا، وأن الغنى هدف، وأن صورتك الخارجية دورك في الحياة، فالسيارة والشقة التمليك والحساب في البنك والملابس الثمينة والتعليم المكلف لابنائك لم ولن يكونوا هدفا يلهث أي انسان عاقل لتلبيتهم، فالهدف والطوح الحقيقي يكمن في الجوهر، في الإيمان بقيم السعادة الحقيقية، في السلام الداخلي والقناعة وعدم المقارنة بأحد، في المغامرة المتكلة على الله لا على المقدرة أو الفرص ذات الأقنعة الزائفة. لا تفكر أبدا في الاقتراض، واعتبرها قاعده: "أن اللي معهوش مايلزموش"، ولا تبدي أبدا عملك على أسرتك، وابحث دائما عن القيمة الحقيقية فيما تعمل، كيف تفيد من خلالها من حولك وتنمو من خلالها نموا حقيقيا يوما بعد يوم، فإن غابت القيمة، فُقد الطريق.   

2-  المرض:

وهو لص سرق سعادة الملايين من أسعد الأزواج، يأتي في صور كثيرة، يصيب المرأة في شكلها وجمالها وأنوثتها، ويسرق الرجل رجولته وقدرته.

والوقاية منه لا تتم إلا من خلاله، فالمرض قضاء وقدر، يصيب الإنسان ويعجزه ويفقده من صحة جسده بأمر من خالق هذا الجسد، إذا، فببساطة شديدة مجرد "تذكر" أن الصحة لا تؤخذ مأخذ الأمور المفروغ منها
Taken for granted
بل هي هبة من الله يعطيها لكل انسان بقدر احتياجه لها لتلبية رسالته الموكلة إليه. وأن المرض ليس بلعنة بل
هو رسالة مباشرة من الخالق للمخلوق يذكره بضعفه الفطري الطبيعي.
أيضا على الزوج والزوجة أن يعلما أن جسد كل منهما هو ملك للآخر، فلا يخشى أيا منهما مرضه أو يخجل منه. فالحزن من المرض لا يسببه ألم الجسد بقدر ما تسببه غصة النفس وكسر الكبرياء، وللأسف فشل مجتمعنا في تنشئتنا على تقبل فكرة المرض على أنه أمر الله، بل زرع فينا فكرة أن المرض عجزا وقصورا إن قصرنا في خدمة أغراضه الاستعبادية، فهو مجتمع لا يعتبر سوى لللاهثين.

3-  الشخص:

وهو اللص الثالث والمتمثل في صورة إنسان، ولكن ليس كل انسان أو اي انسان، بل فقط الأشخاص الذين قد يربكون العلاقة، يربكونها بحيث يحتاج أحد الشريكين أن يفكر أيهما أهم؟ شريك حياتي أم ذاك الشخص؟ وليس بالضرورة أن يكون هذا اللص، أو الشخص، عشيقا أو عشيقة، وإن كان أخطر اللصوص فتكا، حسث يسرق "كل شئ" ، بل يمكن أن يكون صديقا أو قريبا، أبا أو أما. والوقاية منه تكمن في كلمة واحدة: "الأولويات". وإن لم توضع الأوليات قبل الزواج؛ أن كل شريك هو الأهم على الإطلاق بالنسبة لشريكه، فلا مانع أن توضع بعده، فوضع الأولويات يجعلها صريحة للانسان أمام نفسه وقت الحاجة، أن أحدا، ايا كان لن يحظى باهتمامي أكثر من زوجتي أو زوجي.

4-  الفكرة:

وهي اللص الأخير والذي يأتي متنكرا في صور مختلفة ليكون "الشئ" أو النقطة التي تنحرف أمامها العلاقة السعيدة لتضيع في متاهات وطرق مظلمة، والفكرة قد تتمحور حول الشريك (متجسدة في شك أو غيرة) أو مجردة (كأفكار مختلفة في الدين أو السياسة أو الفلسفة أو غيرها). والوقاية من لص الأفكار أساسه مبدأ الاحترام والثقة، فبدون احترام وثقة ينتصر لص الأفكار ويدمر الارتباط السعيد.

وخلاصة الكلام، أن أربعة قادرون على تغيير مسار الزواج السعيد هم (مال يستعبدك، أو مرض يعجزك، أو شخص يربكك، أو فكرة تسيطر عليك) ولتحصن نفسك منهم اتبع العادات التالية:

1-  آمن بقضاء الله وقدره وأعلم أن الرزق والصحة مكتوبان ومقسومان
2-  كن قنوعا ولا تشتهي ما ليس معك، أحص نعم الله وأشكره على ما لديك.
3-  ضع شريك حياتك على رأس قائمة الأشخاص المهمين لديك.
4-  الاحترام والثقة المتبادلة بين الزوجين.


"لا أستطيع أن أصافحك باليد.. لكني قد أطلب منك أن تضمني، نمر أحيانا بأيام حلوة وأخرى سيئة.. لكن عندما يستهزئ بنا الناس يجب ألا نقلق أنفسنا بما يقولون، فالمشكلة ليست في مظهري لكن المهم هو جوهري، فأنا لست معاقا وحدي، لكن كلا منا معاق لاحتياجه للحب، قد أكون بلا يدين أو ساقين.. لكنى أحب الحياة، ومؤمن بإرادة الله وبأن النجاح لا حدود له مادام هناك أمل في الله وقدرته، فالخوف يمكن أن يكون إعاقة كبيرة في حياتنا إذا تمكن منا، فلا تجعله ينال منك وتأكد أن الله معك في كل وقت وفي كل الأحوال".
        من كلمات نيكولاس