Saturday, November 20, 2010

لعنة السباقين في مجتمع يتاجر بالأدب

"تعطى الحرية والديموقراطية للشعوب بحسب نضوجها"

– مقولة شهيرة لسياسي ومفكر فرنسي، وبها يمكن تلخيص حال الشعب المصري الآن والذي يشهد فترة من أسوأ فتراته التي توصل إليها.

أغلبنا وإن لم نكن جميعنا قرانا أو سمعنا أن اي فكر جديد منبعه شخص يرى ما لم يصل إليه الآخرين يتم محاربته سنينا طويلة إلي أن يعتنقه الجميع ويصير من المسلمات، ومع ذلك تجد نفس أسلوب ردع الافكار والعنف والغل في نقد الأفكار الثورية بالرغم من أننا ننادي طوال الوقت بأفكار ثورية تنتشلنا من حالة الركود المستعصي التي اعتدناها في حياتنا المأساوية المعاصرة.

انسانة مفكرة ومخرجة ثورية صادقة جريئة قادرة على تصوير بواطن مجتمعها ورؤية وتشخيص أمراضه التي لا ينفك اصحابها في إنكارها طوال الوقت – إيناس الدغيدي – والتي اقل ما يمكن أن اقول عنها ان أي جاهل ممن نقدوا افكارها أمامه عشرات السنوات ليصل إلي ما توصلت إليه هذه السباقة سواء في اعمالها الفنية او مقالاتها الجريئة أو افكارها التشخيصية الثورية لإصلاح المجتمع.

لن أقول أنني اتفق مع كل ما تقوله أختي في الإنسانية الاستاذة إيناس الدغيدي، فلكل منا الحق في الإتفاق والأختلاف إلا أنني سابدي في تعليقي هذا تاييدي المطلق لها على الخبر الذي نقله على لسانها وقام بنشره أحد زملائي من المحررين وهو بعنوان: أقصى ما تتمناه إيناس الدغيدي: ترخيص أوكار الدعارة!!

وكما تجد، فإن عنوان الخبر وأيضا الخبر نفسه يخلو – للأسف – من اي موضوية سواء في طرح الفكرة أو في طريقة تناولها، حتى أن أي قارئ سيستشف بسهولة مدى كراهية محرر الخبر وتحيزه ضد الاستاذة إيناس. وفي الواقع ليس هذا ما أزعجني بقدر الكم الهائل من التعليقات الغاضبة والساخطة على رأي الدغيدي، ولم أجد رأيا واحدا واعيا فاهما موضوعيا يؤيد فكرتها.

مدام إيناس سيدة متزوجة وهي ميسورة الحال على ما اعتقد، فأي انسان طبيعي عاقل يجب أن يدرك للوهلة الأاولى قبل ان يمسك قلمه ويبدا في التشكيك في إنسانيتها أنها، لا بقولها هذا تبحث عن وظيفة ساقطة، ولا هي بصدد إقامة مشروع تجاري لها يدر عليها الربح، ولا أظنها تبحث عن الشهرة من خبر كهذا لأن أعمالها الفنية وتصريحاتها الأخرى أكثر جرأة من خبر كهذا.

إذن فهناك – في رايي – تفسيرا واحد لما قالته، وهو إنها وجدت أن في هذا الرأي "حلا" أو قل "دواء" – ليس الأفضل – ولكنه مستخدم الآن عند اغلب شعوب العالم لدرء مخاطر أكثر وأشد فتكا بالمجتمعات.

يقول الكاتب المسرحي الفرنسي مارسيل أكار : " Le remède est dans le poison" أي أن الدواء موجود بالسم.

أما السم فهو الزنا والعلاقة الجنسية خارج رباط الزواج المقدس، وهو ما حرمته كافة الأديان السماوية منها وغير السماوية، بل وحتى الأخلاق نفسها، أما الدواء فهو ترخيص بيوت الدعارة والسيطرة عليها وتقنينها. والسؤال الآن هل نحن مرضى كي نحتاج إلي تجرع السم في صورة دواء والاكتواء بنارة واحتمال عواقبه؟ للآسف نعم، لقد تفشت "أمراض" بل و"أوبئة" في مجتمعنا استعرت نارها أكثر بكثير من نار السم الضار.

أمراض لم نكن نسمع عنها منذ خمسين عاما فقط، وهي تستعر وتشتد وطأتها وقريبا جدا ستلتهم المجتمع كله ما لم نجد وسيلة لردعها أو حتى احتوائها، يكفيك النظر إلي حوادث الاغتصاب، والتحرشات الجماعية، وزنى المحارم، والشذوذ الجنسي، والبيدوفيليا، لتصل إلي الإخصاء الذاتي وقطع الاعضاء التناسلية بل وحتى الانتحار بسبب موضوع واحد فقط وهو الكبت الجنسي والعاطفي نتيجة الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة وتاخر سن الزواج.

ما سبق ذكره أمراضا قاتله تنهش في مجتمعنا ولكنها لا تقل خطورة عن آفة انتشرت مؤخرا في المجتمع المصري وتوشك أن تفككه وهي انتشار ظاهرة الزواج بدافع الاشباع الجنسي فقط، أي زواج هذا؟ ولماذا نعتبره زواجا من أساسه؟ بل وما يحزن فعلا أن المجتمع لا يعترض عليه بقدر محاربته الغاشمة لفكرة تقنين الجنس خارج العقد الإجتماعي، أليس هذا هو نفس المجتمع الذي لا يحرك ساكنا عند زواج بناته القاصرات لرجال "عرب" مقتدرين يبلغون من العمر ما يقرب عمر أجدادهن؟! أليس هذا هو نفس المجتمع الذي يرى الزواج العرفي أو زواج المتعة أو زواج المسيار من الأمور الطبيعية والمقبولة؟؟ نعم هو نفسه للأسف.

لن أطيل كلامي لأنه سيضطرني للتعبير عن غضبي بصورة انفعالية ساخطة أكثر منها موضوعية بناءة، إلا أنني على يقين تام أنه مازال هناك قلة من المفكرين والمثقفين الذين يستطيعون الفصل بين اعتبار الزنا خطيئة كبرى تغضب الخالق وبين ترك الاختيار والحرية للانسان ليفعل ما يراه هو – كإنسان ناضج - مناسبا، فالزنا لن يغضب الخالق أكثر من السرقة والرشوة والكذب والنميمة والظلم، وغيرها من عاداتنا اليومية.

أخيرا، نحن لسنا أطهر شعوب الارض ولا أكثرها تقدما بسبب كبتنا للحريات، بل العكس هو الصحيح، أقرا عن اليوشيوارا في اليابان، والريد ديستريك في هولندا، أو شاطئ العارة في المانيا، وإن صادف وسافرت لإحدى هذه الدول فلا تستغرب كثيرا عندما تجد أن أغلب زوارها من العرب "المعترضين".

اختم كلامي بضم صوتي لصوت الاستاذة المفكرة إيناس الدغيدي لا حبا في الرذيلة ولكن حماية لطفل لا ذنب له من الإصابة بفيروس الأيدز لأن ابوه زنى في السر مع إحدى فتيات الليل في بلد ترفض فرض رقابة صحية على بيوت الدعارة لأنها غير مرخصة بسبب وجودها في بلد اسمه مصر.

No comments:

Post a Comment

I said what I thought, if you have something you want to say, be my guest