Monday, February 4, 2013

الترجمة الأخيرة للخلاص


كم هي كبيرة جدا أرضنا الكروية التي نعيش فوقها بالمليارات، وكم هي أيضا ضئيلة للغاية عندما ننظر اليها من بعيد أو من قريب جدا. ويا لسهوة التنقل بين الرؤيتين.

منذ القدم والبشر يعيشون بين هاتين الرؤيتين، حجم المادة، وحجم العقل الذي يستوعب المادة. وبين هاذين العملاقين نشأت ثقافات وديانات الجنس البشري. بين فكر شرقي متمثل في حضارت وفلسفات تشعل طاقات الانسان الباطنة وتحوله لمخلوق خارق بقدرات لم يكن ليحلم بها وتمنحه سعادة النيرفانا فلا يشعر بألم أو ضعف البشر، وبين حضارت وفلسفات الغرب المادية المستكشفة لغوائر وعجائب وملذات الكون الفسيح اللانهائي، بدأت بتأملات واجتهادات عمالقة الفلسفة الغربية وانتهت بعلماء الإلحاد وملذات الدنيا الفانية.
وبين القطبين الشرقي والغربي بني ايمان وعقائد البشر، ومن ثم افعالهم، وبالرغم من النقيد البين بين العالمين، الا انهم لا يختلفان كثيرا، فكلاهما يضعان الانسان في بؤرة الاهتمام والتركيز، فسواء الغرب الذي يسعى ليسخر الكون والمعرفة لخدمة الانسان، أو الشرق الذي يسخر الانسان لخدمة نفسه، فالانسان يبقى في العالمين هو سيد نفسه.

كل اتباع العالمين يعيشون حياتهم متجهين بثقة وايمان لتحقيق اهدافهم، سواء التمكن من العالم اكثر أو التمكن من الذات أفضل، هذا ان كانوا من الدؤوبين المجاهدين، أما الاتباع الشكليين، فايضا يعيشون حياتهم يمضونها في محاولاتهم لتقليد اتباع عقيدتهم الموروثة. وهكذا يجد الانسان هدفا يعيش من اجله ويمضي به ايام وسنين عمره.

إلي ان تأتي تلك اللحظات التي يدرك فيها ان كل ما كان يؤمن به ما هو الا سراب، أو وقود يسير ماكينته البيولوجية لتصير منتجة ومفيده لعالمه، هذه اللحظات لا تأتي الا للمحظوظين فقط، عندما يمرضون، أو يصابون بحادث يؤدي الي اعاقتهم، أو يفقدون احد احبائهم، أو غيرها مما اتفق القطبين على تسميتها "مصائب". 

هذه اللحظات يشعر فيها الانسان ان النور الذي يسير فيه تحول مرة واحدة الي ظلام، وأن كل ما كان يعيش من أجله، اثبت أنه لا يستحق تلك المعاناة.

فتجد الاديان الشرقية تهرب الي التوحد والعبادات الشكلية الطقسية ذات المؤثرات الحسية لتطفئ انين الانا، وتجد اللاديانات الغربية تسعى للمخدرات الكيميائية أو ببساطة تقرر انهاء حياتها "بالانتحار". 

على مر العصور ظهرت ديانات تخاطب كل تساؤل وفكرة وطموح وتطور بشري، ولكن كلها لم تختلف على حقيقة واحدة، وهي ان هدفها هو "الانسان". حتى الاديان الابراهيمية وبالرغم من التركيز على انها عبادة لله الواحد خالق الكل، إلا أنه أيضا ركزت على ان الهدف من هذه العبادة هو الانسان الذي يريد "الجنة" ويخاف "الجحيم". 

فقط، رسالة واحدة، جاءت واضحة وصريحة وخلصت الانسان من هم ذاته الضعيفة، مهما فعل، رسالة مضمونها أنك يا انسان لست ملك ذاتك بل ملك خالقك وخالق الكون. لا تقلق ولا تخاف لانك لا تملك شئ لتخاف عليه، انت بذاتك، مهما كنت، لست شيئا، ولكن بخالقك انت كل شئ.

من الصعب جدا أن يتنازل الانسان عن وهم قوته وقدراته وحريته وقيمته، من الصعب جدا أن يصدق الانسان انه ليس مسؤولا عن شئ لأنه اصغر من ان يكون مسؤولا، من الصعب جدا ان يستسلم الانسان لفكرة انه لا يملك شئ، لا ذات ولا مال ولا جاه ولا نفوذ ولا حرية ولا سلطة ولا حتى جسد أو عقل أو ارادة أو ذات، بل هو كله مملوك لخالقه الذي "به" صار ابن الملك وبدونه هو لا شئ.
وحدها رسالة المسيح فتحت هذا الطريق، حتى وان كانت هناك ديانات اخرى تعتبر الانسان عبد لربه، ولكنها ايضا اعطت هذا العبد حقوقا ودورا ومسئولية وهدفا وثواب وعقاب، فجعلت منه عبدا ومسؤولا في نفس الوقت.

أما المسيح فقد حمل مسؤولية الانسان عنه، حمل خطية الرغبة في الصيرورة مثل الله (التفاحة = المعرفة) وأعطاه فرصة العودة من جديد لإدراك النور الحقيقي، أن الانسان بذاته سيتألم ويدفع ثمن لعنته في عبودية وهم الحرية والتمكن، أما بتواضعه وتخليه عن ذاته وممتلكاته سيصير حرا بحق.

هكذا الصلاة الحقيقية التسليمية هي اعلان أن وقتك ورغباتك وطلباتك ليسوا ملكك بل لخالقك، أيضا الصوم هو اعلان ان جسدك ليس مسؤوليتك لتنميه وتغذيه وتزيده صحة وجمالا فهو ليس ملكك بل لخالقك، هكذا أيضا الصدقة هي بدورها اعلان أن ما تملكه ليس ملكا لك ولا حقا تستحقه بقدراتك ومواهبك بل هو ملك للذي وهبه لك ومنحك اياه فلا تبخل أن تهبه.

الصلاة والصوم والصدقة والحياة بلا خطية ليست فروضا تؤهلك للجنة وتحصنك من جهنم، فان فعلتها لهذا الهدف ضاعت قيمتها وعدت من جديد لتصير مثلك مثل من يؤمن ان في يده مفاتيح حياته. انما هي أعلى درجات التواضع، هي اعلان وايمان، مثلها مثل كل ما تفعله في حياتك المحدودة، أنك ... طفل.

بالرغم من ضعفه، وغرائزه الكثيرة غير المحكومة، فهولا يقلق أو يخاف من شئ، وحده الطفل لا تشغل باله مسؤولية أو هموم، وحده الطفل لا يشعر بالفقدان أو قيمة الاشياء أو الاشخاص، وحده الطفل لا يهمه أن يكون بصورة ما ليرضي بها نفسه أو أخرين، وحده الطفل لا يشغله مستقبل أو مال أو جاه أو علاقات يكسبها أو يخسرها.

لذلك قال المسيح:

"الحق أقول لكم ان لم تستطيعوا أن تصيروا مثل هؤلاء الاطفال لن تستطيعوا أن تدخلوا ملكوت السموات"      
    
                                             





Wednesday, October 17, 2012

ما وراء خبر رفد موظف من عمله بسبب تعليق كتبه عالفيس بوك



ما وراء خبر رفد موظف من عمله بسبب تعليق كتبه عالفيس بوك

بيقولك ايه بقى: "مرة واحد كتب تعليق على النت على صورة لواحدة بنت بيعبر فيه عن رأيه بطريقة سخيفة وقليلة الأدب معجبهاش قامت انتحرت، راح البوليس قعد يدور على اللي كتب التعليق لحد مالاقاه وقام حبسه وضيع مستقبله بعد ما حاشه بالعافيه عن عائلة المنتحرة اللي كانوا هايقتلوه من فرط غضبهم، ولما خرج من السجن المجتمع كله اعتبره مجرم وقاتل ووحش وسفاح وطردوه من وسطيهم وعزلوه عنهم." 

وبيقولك كمان: "انهم بعد ما خلصوا على الراجل قعدوا يرسموا في كاريكاتيرات ويطلعوا أفلام كل مضمونها اهانه اديان ومعتقدات ناس ماجتش جنبهم ولا عملتلهم حاجة، أهوه رخامة كدة مش أكتر، راح واحد من الغيورين على دينه اتضايق وراح فجر نفسه وموت واحد من اللي كانوا فاكرين انهم بيعبروا عن رأيهم بالطريقة غير المحترمة ديه وماتوا الاتنين سوا. راحت الناس اتضايقت وقامت الدنيا ماقعدتش. قال ايه: الناس الارهابيين اللي بينتحروا عاوزين يقضوا على حرية الرأي ويرجعوهم لعصور الجاهلية، ونسيوا خالص ان هما نفسهم وعشان خاطر واحدة اتضايقت فانتحر "برضه" من مجرد تعليق على صورة على صفحة اللي هايشوفوها ما يتعدوش على صوابع الايد الواحدة راحت قامت الدنيا وماقعدتش". 

الموضوع باختصار ان الكلام اللي فوق ده افتراضي بس بيحصل بصور مختلفة وفي مجتمعات شبيهة لكن اللي حصل فعلا انهارده ان ناس كتير في كندا فخورين قوي بواحدة اسمها "كرستين لافو" قامت بالإبلاغ عن شخص وطالبت ان يقال من عمله بعدما وجدته قد كتب تعليق قليل الأدب على الانترنت عن "أماندا تود" (الفتاة التي انتحرت بسبب تعليقات بعض اصدقائها غير اللائقة على صفحتها على الانترنت). 

يا ترى هاتبقى موضه جديدة في الغرب دلوقتي ان اللي مش عاجبه رأي واحد صاحبه أو مش عارف يرد عليه يقوم ينتحر ويسيب رسالة انه انتحر بسبب فلان فيمسكوا فلان يقطعوه وينتقموا منه بداله. وبعدها يقولوا عندنا حرية رأي ويشتموا هم ناس تانية باسم حرية التعبير. 



بلاش نفاق لو اللي هايكتب تعليق يضايق حد يبقى مجرم، يبقى اللي يرسم صورة او يكتب مقاله أو يصور فيلم بيهين حد يبقى برضه مجرم. ونتفق كلنا من دلوقتي ان حرية الرأي تقف عند حد الاساءة للغير.
ولكن ما هو اعظم من احترام مشاعر الغير ومعتقداتهم وحساتهم الخاصة انه ان اخطأ البعض فالعفو اعظم من الانتقام، وكراهية المنتقم لا تقل سوءا عن استهتار المتهكم. 

يا أخي.. "لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها ... يا مرائي، أخرج أولا الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك."



Saturday, September 29, 2012

كنائس بابل العظيمة


كنائس بابل العظيمة

بالأمس ذهبت مع زوجتي الكنيسة المجاورة لبيتنا لحضور أحد الاجتماعات الروحية لأول مرة ولنتعرف على الأسر الموجودة بالكنيسة ونختلط معهم فنحن مهاجرون جدد، وصلنا كندا من مصر منذ شهر واحد وتقريبا لا نعرف أحدا بحكم البلد الجديدة وظروف الهجرة. 

عرفت ميعاد الاجتماع من صديق لي، هاجر إلي هنا منذ عدة سنوات ولا أعرف غيره في هذا البلد، فبالفعل ذهبت مع زوجتي للاجتماع وبحثنا عنه في كنيسة كبيرة متعددة الطوابق إلي أن وجدناه في غرفة جانبية صغيرة بدون أي لوحات أو ارشادات تدل إليه. وقفنا على بابه المفتوح، وتقريبا كل من بالاجتماع ينظر الينا – وهم يرنمون احد التراتيل – ولم يتحرك أحدهم ولو بإشارة لاستقبالنا أو حتى بابتسامة ترحيب لندخل، ولككنا دخلنا على أي حال، ومررنا في وسط الجميع – المغيبين – إلي أن وصلنا لمنتصف الغرفة وجلسنا. انتهوا من أول ترنيمة، فحرك الخادم المسؤول الماوس بين يديه لينقر على ترنيمة جديدة على حاسوب أمامه، ليبدأ الجمع من خلفه يرنم وكأننا لم ندخل من أساسه. 

من المفترض أن اسم هذا الاجتماع، الراعي الصالح، وهو مخصص للأسر المهاجرة، ليس الشباب ولا الأطفال ولا كبار السن، بل الأسرة كلها، ليجتمعوا ويتعارفوا، ويتشاركوا خبراتهم في إطار روحي كنسي – أو ربما هذا الذي ظننته – في حين كان الواقع مختلف تماما، فقد وجدنا مجموعة مغيبة من الكائنات تردد كلمات بأفواهها ولا تعي ما يحدث من حولها، لا أعرف لماذا جاءوا؟ وما تعريفهم لكلمة كنيسة، وهل يعرفون أن الكنيسة ليست معبد بل هي جماعة مؤمنين أم لا؟ لا ألومهم ولا ألوم الخادم المسءول عن الاجتماع ولا حتى الكاهن الذي كان حاضرا في اجتماع لا تتخطى اسره اصابع اليدين في دولة مهجر وأتت عليهم أسرة جديدة ولم يكلف أحدهم خاطره حتى ليرحب بهم ويستقبلهم، ناهيك عن دورهم الاساسي في خدمتهم وفي مساعدتهم ، فإن لم تكن هذه هي الخدمة والرسالة، فما تعريف الخدمة المسيحية؟ تشييد المباني وإعلاء المنارات؟ للاسف الأجابة هي نعم ونعم كبيرة جدا. فبكل أسف هذا ما كان يحدث في مصر وفوجئت به يتكرر هنا في كندا؟ وفي هذه الكنيسة تحديدا؟ ها هم يشيدون كنيسة كاملة جديدة خلف الكنيسة القديمة، ملايين الدولارات انفقت وتنفق من أجل المباني الشاهقة والديكورات والايقونات والانتيكات والتكييفات الخ الخ الخ.
وماذا عن النفوس؟ ماذا عن الاساس الحقيقي للكنيسة؟ جماعة المؤمنين؟ 

لا أعرف أهو تجاهلهم تجاهنا أم كئابة الترنيمة التي كانوا يرتلونها :
"غيرت اغسطين الفاجر حولته إلى قديس طاهر... حولت ماريا القبطية من سيرتها الشيطانية ... إلى سيرة حلوة ملائكية في عيشة نسك سماوية ... غيرت اغسطين الفاجر حولته إلى قديس طاهر ... حولت كمان موسى الأسود إلى كانت هيئته ترعد ... إلى قديس طيب متواضع قلبه ابيض نوره ساطع ... صاحب قدرة لانهائية بتحب خلاص البشرية ... حولت كمان موسى الأسود اللي كانت هيئته ترعد ... يا ربى ياللى أتوليتهم بالنعمة وبدلت حياتهم ... هم وكثير تانى غيرهم تحريرهم تم وتبريرهم ... أرجوك أرجوك اتولانى حولني إلى إنسان تانى" 

أم جو التغييب الكامل الذي لاحظناه، كأننا دخلنا غرفة أموات أو منومين، لست متأكدا، ولكنني نظرت لزوجتي لأخبرها برغبتي في المغادرة لأجدها تنظر إلي لتخبرني بنفس الشئ في نفس الوقت، وبالفعل قمنا وتحركنا نحو الباب، وهم لا يزالون في غيبوبتهم.
وهنا تذكرت قصة سمعتها  في الكنيسة عندما كنت طفلا (يا للغرابة) وهي قصة قديس اسمه الانبا بيشوي، كان في أحد الأديرة مع رهبان وسمعوا أن المسيح قد ظهر على الجبل، فخجوا جميعا للقائة مسرعين، كل يريد أن يصل أولا، واثناء صعودهم الجبل مروا برجل مقعد سألهم إلي اين انتم ذاهبون فأخبروه انهم سمعوا أن المسيح قد ظهر أعلى الجبل وهم هامون لرؤيته، فسألهم أن يذهب معهم، فكان كل من يسأله – من الرهبان – يخبره بأنه سيعطله عن الصعود ويعتذر له، إلي أن سأل القديس الانبا بيشوي، ورغم شيخوخته وضعفه إلا أنه حمل هذا المقعد وبدأول يصعدوا معا الجبل متأخرين عن جموع الرهبان المسرعين. واثناء صعود القديس اكتشف أن هذا المقعد هو السيد المسيح ذاته وأنه لا يوجد أي ظهور على الجبل فخاب ظن الرهبان ولم يجدوا أحدا، بل نال الانبا بيشوي وحده البركة – أي بركة؟ - بركة المحبة والرحمة .. لأن السيد المسيح هو نفسه القائل: "عطشت فسقيتموني. كنت غريبا فآويتموني. عريانا فكسوتموني. مريضا فزرتموني. محبوسا فأتيتم إلي" ؟

حتى أن خرجنا من الكنيسة تماما ووصلنا للشارع كان لدي أمل ولو ضئيل أن أجد أحد الخدام يأتي من خلفنا، حتى ليسأل من نحن ولكن هذا لم يحدث.
أخذنا ننظر بين نوافذ مباني الكنيسة ونحن نسير متأملين كل مجموعة بداخل كل غرفة، من يتحدثون ومن يطبخون ومن يلعبون، كأنه نادي اجتماعي لمسيحين مصر المهاجرين. هنا استوقفتنا حقيقة مفزعة: لماذا ونحن مسيحيين مصريين لا نشعر بالانتماء لهم؟
ربما لأن ما تمارسه الكنيسة الآن لا يمت للمسيح بصلة، وما اعتاد عليه أغلب المسيحيون لا يتعلق بالمسيحية من قريب ولا من بعيد؟ 

كل ما يشغلهم هو الانفاق المسرف على الأراضي والمباني، ثم تأتي النفوس في المرتبة الثانية أو الأخيرة حتى، ليجيبني أحد المسئولين بأمانة كم تصرف الكنائس على المساكين والمعوذين مقابل ما تصرفه على الأراضي والممتلكات المادية؟ ماذا يريدون؟ صحون كنائس مزغرفة بالذهب والمجوهرات وخالية من النفوس؟ ليأتوا وينظروا الكنائس الكاثوليكية هنا في كندا وأوربا كلها، لقد أصبحت متاحف بالرغم من جمالها وتراثها وعراقتها لأن أحدا لا يذهب إليها. ليتعلموا من المسلمين بدلا من الخوف منهم والحقد عليهم وعلى زيادة عددهم، هم ينفذون ما أمركم المسيح به، ولم تسمعوه. يصلون في أي مكان حتى لو في الشارع، لا يشغلهم زي مطعم بالمجوهرات والذهب ولا أيقونات منحوتة ولا مباني ذات طابع معين، بل يشغلهم الله وحده الذي يعبدون، وروح الجماعة التي يصلون بها، بالاتزام واحترام ووحدانية، فلا تعجبون إذا ان بارك الله في عددهم، بل تأملوهم وتعلموا منهم بدلا من أن تأخذونهم ذريعة لتعوضوا نقص عددكم بارتفاع مناراتكم. فالانسان وحده هو المنارة يا مسيحيين اليس كذلك؟ الستم؟ "انتم نور العالم"  فكونوا نورا حقيقيا، أنيروا بالتعاليم الحقيقية: بالحب والرحمة والسلام. لم يعلمنا المسيح أن نشر تعاليمه يكون بالمعاداة والهجوم والمقارنة والبحث عن اخطاء الغير لنظهر نحن على صواب مادام الآخر على خطأ، بل بقبول الاختلاف والتعلم منه بتواضع ومحبه طاردين كل خوف وإدانة وكراهية. أليست هذه المسيحية؟ أم كلمات لم تعد تألفها آذاننا أو غطي عليها صوت الأجراس والدفوف!  



Tuesday, August 7, 2012

جوهر المسيحية

ماذا يميز الديانة المسيحية عن باقي الديانات؟ 
وما هو جوهر المسيحية؟ 
وهل المسيحية هي الثالوث والتجسد والبابا والكنيسة؟ 
وهل فعلا المناصب الكنسية والأدوات والرموز والطقوس الازياء ماهي الا موروثات وثنية اصطبغت بصبغة دينية لخلق هوية وجذب المتدينين الجدد؟
هل المسيحية هي الايمان بأن المسيح هو الله؟ 
فيما يلي بإختصار وجهة نظر كتابية (أي من وحي الكتاب المقدس) تبين بإختصار ما هي المسيحية .. الحقيقية. أو جوهر المسيحية. 
أولا المسيحية ليست ديانة فالمسيح لم يضع طقوسا ولا عبادات بل كان يضعها دائما في المرتبة التالية بعد الحب والرحمة والإيمان. 
فالايمان والاعمال هما جوهر المسيحية ومايميز تعاليمها عن اي فكر آخر: 
أما الايمان فهو بالله، ليس بالكلام، ولا السجود ولا العبادة الشكلية، ولكن بالاقتناع الكلي أن الله هو ضابط الكل، وان الهدف من الحياة هو التسليم "الكلي" له، وبالتالي لا يوجد ما يسمى بحرية الانسان وقدرته، بل "حرية أولاد الله" أي الحياة في كنف الله بالتسليم الكلي. وهي على عكس المفترض، حياة صعبة وشاقة، لان الانسان بطبعة ضعيف ويخاف المجهول، ويحتاج الي حياة جهاد حقيقي لكي يصل لدرجة التسليم الكلي لله والاعتماد عليه بدلا من التخطيط لحياته والترتيب لمستقبله. 
والاعمال تتلخص في ترجمة الايمان لحب وعطاء ورحمة للآخرين: أي الاهتمام بحياة الآخرين وترك حياتنا نفسها ليرعاها الله. 

ثانيا المسيح ليس الله، ولا يوجد نص كتابي واحد يقول ان المسيح هو الله، بل عشرات النصوص التي تدل ببساطة أن المسيح "ابن" الله و"ابن" الانسان. حاملا الصفات الانسانية كبشري والصفات الالهية من معجزات وقدرات خارقة على الشفاء وإقامة الموتى بل وخلق الأعضاء، كل هذا بمشيئة الله وإرادته، فالله من قبل ومن بعد المسيحية هو الضابط الكل، غير المحدود  أي في "كل مكان" وزمان خارجنا وداخلنا، لا يخلو منه كيان ولا يخلو من كيان.  والمسيح عندما جاء بميلاده غير البشري وحياته وقيامته من الموت جاء ليكون الرسول والرسالة، الطريق والحق والحياة، جاء ليعلمنا أن نحب الله من كل القلب ونحب قريبنا كأنفسنا، وحياته كانت النموذج الذي يحتذى به، صار الطريق الوحيد الموصل لله، فطبيعة الله غير المحدودة لا تسمح للانسان أن يتواصل معه ويخاطبه ويتصل به دون "وسيط" أو "شفيع" يربط الطبيعة البشرية الساقطة البعيدة بالطبيعة الالهية الخالقة الخارقة. 

ومن هذا المنطلق، يرتكز الايمان بالله، أنه "ضابط الكل" المسيطر على كل شئ والمدبر لكل الحيوات والانظمة من أَضخمها وأكثرها تعقيدا الي ابسطها واصغرها، وان الايمان بالله هو التسليم المطلق له وان الحرب الحقيقية لكل انسان ليست حرب افعال (فعل الحلال وتجنب الحرام بصورة مبرمجة عميانية أو خوفا من عقاب مستقبلي) بل هي حرب افكار وتوجهات فكرية، هل سيستطيع الانسان التصدي لذاته وأنويته والتخلص من تلك الذات المحورية ووضع الله مكانها؟ وان استطاع فإلي متى سيصمد قبل أن يبدأ في الخوف والقلق وبالتالي يكذب ويسرق ويقتل ويزني ويغتاب، وإن سقط متى سيعود مرة أخرى إلي التوجه العقلي السليم ليسلم ذاته وحياته لله ويعود إيمانه من جديد، فيتلاشى الخوف والقلق من شر العالم ونقص وضعف الجسد، ويسير الانسان في ظل النور الالهي – تلك الرؤية أو التوجه المؤمن المسلم – لذلك فالصلاة المسيحية يجب أن تبدأ بطلب الرحمة والغفران، لا على الفعل، فالله هو الذي سمح به بل واراده، ولكن على عدم الثقة فيه والتسليم له، وبمجرد التوبة والرجوع، حتى يعود يحل في الانسان الأقنوم الثالث في المسيحية، وهو روح الله – أو الروح القدس – المرشد الشخصي لكل انسان والموجه الوحيد لله هو الذي يبكت ويعزي. 

والتسليم لله والايمان بأن الله هو ضابط الكل، تجعلنا ملزمين بالغفران، فكيف نؤمن أن كل الاشياء تحدث بمشيئة الله، وندين ونلعن وننتقم ونكره الأخرين، فالايمان الحقيقي بالله يجعل الغفران أمر طبيعي فكيف ندين شخص ما ونحن نعلم أن ما فعله ضدنا هو مشئية الله. 

وقد يرد البعض على فكرة التسليم الكلي بأن هذا يجعل الانسان مسيرا لا قيمة له، ولصاحب هذا الرأي أقول له، بالتواضع فقط وعدم رفض فكرة القيمة الشخصية بل القيمة المستمدة من الله ستضئ الفكرة وتذول الغشاوة، وقد يرد آخر بانه إن كنا مسيرين لفعل ارادة الله فكيف سيحاسبنا الله ولمن الفردوس والجحيم؟ والاجابة ببساطة أن الحساب ليس على الفعل فكل فعل ناتج عن اسباب لا حصر لها وهذه المسببات هى التي تحدد حيواتنا وتميزها وهي بمشيئة الله لأن خطة الله مرسومة بدقة وعناية وليست متروكة لأمزجة البشر Butterfly effect أما الحساب فيكون على الرؤية والتوجه الفكري والايمان، فإن كان للعقل دور فهو ليتأمل عظمة الله ويشكره عليها لا أن يتحدى مشيئته ويدعي المشيئة على خليقته. الله خلق الجنة واعطى الانسان ان يعطي للحيوانات اسماء، فحرية الانسان حرية في "رؤية الأمور" هل سيسمي الثعلب  بالمفترس المتوحش أم المخلوق الجميل الذي خلقه الله ليحافظ على توازن النظام؟  

أخيرا، المسيحية ليست ديانة بل هي فكر ورؤية يمكن أن يؤمن بها أي انسان، وهي الرؤية الوحيدة التي ستخلصه وتضعه على الطريق الحقيقي، لذلك فمن دعائم المسيحية هي قبول الآخر سواء شخص أو فكر أو ديانة، فأيا كان الآخر فهو من الله بالله ولله فالمحبة "تقبل كل شئ"، لذلك ففكرة رفض الآخرين ونبذ غير المسيحيين هو سلوك غير مسيحي بل وأيضا نقيض للمسيحية أساسا. 


فالمسيحية باختصار هي ايمان بالله الواحد الوحيد الضابط الكل وبالتالي التسليم المطلق له، ولمعرفة الله يحتاج الانسان إلي طريق يربطه بالله ويريه النموذج الحقيقي للتسليم والايمان بملكوت الله، هذا الطريق هو المسيح، وهو الوحيد الذي نادى بذلك، والذي بدون الروح القدس لا يستطيع احدا أن يؤمن به لأن روح الله هو النور الذي يضئ للانسان الطريق فيراه ويسلك فيه فيتصل بالله. 




الاعتماد والتوكل على الله - جوهر الإيمان

آيات تبين مدى أهمية الاتكال على الله 
وهل اعلى درجات الإيمان بالله هي الاعتماد الكلي عليه والتوكل على مشيئته وحده؟



1.       2 كو 1: 9 لكن كان لنا في انفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على انفسنا بل على الله الذي يقيم الاموات.
2.       مز 65: 5 بمخاوف في العدل تستجيبنا يا اله خلاصنا يا متكل جميع اقاصي الارض والبحر البعيدة
3.       .مز 84: 12 يا رب الجنود طوبى للانسان المتكل عليك
4.       مز 86: 2 احفظ نفسي لاني تقي. يا الهي خلص انت عبدك المتكل عليك‏.
5.       ام 28: 25 المنتفخ النفس يهيج الخصام والمتكل على الرب يسمن.
6.       ام 28: 26 المتكل على قلبه هو جاهل والسالك بحكمة هو ينجو.
7.       ام 29: 25 خشية الانسان تضع شركا والمتكل على الرب يرفع
8.       مز 2: 12 طوبى لجميع المتكلين عليه
9.       مز 5: 11 ويفرح جميع المتكلين عليك. الى الابد يهتفون وتظللهم. ويبتهج بك محبو اسمك
10.   مز 17: 7 ميّز مراحمك يا مخلّص المتكلين عليك بيمينك من المقاومين
11.   مز 31: 19 ما اعظم جودك الذي ذخرته لخائفيك. وفعلته للمتكلين عليك تجاه بني البشر
12.   . مز 4: 5 اذبحوا ذبائح البر وتوكلوا على الرب
13.   مز 7: 1 يا رب الهي عليك توكلت.خلصني من كل الذين يطردونني ونجني.
14.   مز 11: 1على الرب توكلت. كيف تقولون لنفسي اهربوا الى جبالكم كعصفور
15.   .مز 13: 5 اما انا فعلى رحمتك توكلت. يبتهج قلبي بخلاصك
16.   .مز 16: 1 احفظني يا الله لاني عليك توكلت
17.   .مز 21: 7 لان الملك يتوكل على الرب. وبنعمة العلي لا يتزعزع
18.   مز 25: 2 يا الهي عليك توكلت. فلا تدعني اخزى. لا تشمت بي اعدائي
19.   .مز 25: 20 احفظ نفسي وانقذني. لا اخزى لاني عليك توكلت
20.   .مز 26: 1 اقض لي يا رب لاني بكمالي سلكت وعلى الرب توكلت بلا تقلقل
21.   مز 31: 1 عليك يا رب توكلت. لا تدعني اخزى مدى الدهر. بعدلك نجني
22.   مز 31: 6 ابغضت الذين يراعون اباطيل كاذبة. اما انا فعلى الرب توكلت
23.   مز 31: 14 اما انا فعليك توكلت يا رب. قلت الهي انت.
24.   مز 32: 10 كثيرة هي نكبات الشرير.اما المتوكل على الرب فالرحمة تحيط به
25.   مز 34: 8 ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب. طوبى للرجل المتوكل عليه
26.   مز 40: 3 وجعل في فمي ترنيمة جديدة تسبيحة لالهنا. كثيرون يرون ويخافون ويتوكلون على الرب
27.   مز 52: 8 اما انا فمثل زيتونة خضراء في بيت الله. توكلت على رحمة الله الى الدهر والابد
28.   مز 56: 4الله أفتخر بكلامه على الله توكلت فلا اخاف. ماذا يصنعه بي البشر
29.   مز 56: 11على الله توكلت فلا اخاف. ماذا يصنعه بي الانسان
30.   مز 62: 8 توكلوا عليه في كل حين يا قوم اسكبوا قدامه قلوبكم.الله ملجأ لنا.
31.   مز 118: 8 الاحتماء بالرب خير من التوكل على انسان
32.   مز 118: 9 الاحتماء بالرب خير من التوكل على الرؤساء
33.   مز 125: 1 المتوكلون على الرب مثل جبل صهيون الذي لا يتزعزع بل يسكن الى الدهر.
34.   مز 143: 8 اسمعني رحمتك في الغداة لاني عليك توكلت.عرفني الطريق التي اسلك فيها لاني اليك رفعت نفسي
35.   مز 144: 2 رحمتي وملجإي صرحي ومنقذي مجني والذي عليه توكلت المخضع شعبي تحتي
36.   ام 3: 5 توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد
37.   اش 10: 20 ويكون في ذلك اليوم ان بقية اسرائيل والناجين من بيت يعقوب لا يعودون يتوكلون ايضا على ضاربهم بل يتوكلون على الرب قدوس اسرائيل بالحق
38.   اش 26: 3 ذو الراي الممكن تحفظه سالما سالما لانه عليك متوكل
39.   اش 26: 4 توكلوا على الرب الى الابد لان في ياه الرب صخر الدهور
40.   اش 31: 1 ويل للذين ينزلون الى مصر للمعونة ويستندون على الخيل ويتوكلون على المركبات لانها كثيرة وعلى الفرسان لانهم اقوياء جدا ولا ينظرون الى قدوس اسرائيل ولا يطلبون الرب
41.   اش 36: 6 انك قد اتكلت على عكّاز هذه القصبة المرضوضة على مصر التي اذا توكأ احد عليها دخلت في كفه وثقبتها.هكذا فرعون ملك مصر لجميع المتوكلين عليه.
42.   اش 37: 10 هكذا تكلمون حزقيا ملك يهوذا قائلين.لا يخدعك الهك الذي انت متوكل عليه قائلا لا تدفع اورشليم الى يد ملك اشور
43.   .اش 57: 13اذ تصرخين فلينقذك جموعك.ولكن الريح تحملهم كلهم.تأخذهم نفخة.اما المتوكل علي فيملك الارض ويرث جبل قدسي
44.   ار 39: 18بل انما انجيك نجاة فلا تسقط بالسيف بل تكون لك نفسك غنيمة لانك قد توكلت عليّ يقول الرب
45.   ار 46: 25قال رب الجنود اله اسرائيل.هانذا اعاقب آمون نو وفرعون ومصر وآلهتها وملوكها فرعون والمتوكلين عليه
46.   .ار 49: 4ما بالك تفتخرين بالاوطية.قد فاض وطاؤك دما ايتها البنت المرتدّة والمتوكلة على خزائنها قائلة من يأتي اليّ
47.   .ار 49: 11اترك ايتامك انا احييهم واراملك عليّ ليتوكلن
48.   .مي 3: 11رؤساؤها يقضون بالرشوة وكهنتها يعلّمون بالأجرة وانبياؤها يعرفون بالفضة وهم يتوكلون على الرب قائلين أليس الرب في وسطنا.لا يأتي علينا شر
49.   .نا 1: 7صالح هو الرب حصن في يوم الضيق وهو يعرف المتوكلين عليه
50.   .صف 3: 12وابقي في وسطك شعبا بائسا ومسكينا فيتوكلون على اسم الرب
51.   .عب 2: 13وايضا انا اكون متوكلا عليه.وايضا ها انا والاولاد الذين اعطانيهم الله
52.   .1 بط 3: 5فانه هكذا كانت قديما النساء القديسات ايضا المتوكلات على الله يزيّن انفسهن خاضعات لرجالهن
53.   ام 22: 19ليكون اتكالك على الرب عرّفتك انت اليوم.
54.   ار 48: 7فمن اجل اتكالك على اعمالك وعلى خزائنك ستؤخذين انت ايضا ويخرج كموش الى السبي كهنته ورؤساؤه معا.
55.   مز 78: 7فيجعلون على الله اعتمادهم ولا ينسون اعمال الله بل يحفظون وصاياه
56.   2 اخ 32: 8معه ذراع بشر ومعنا الرب الهنا ليساعدنا ويحارب حروبنا.
57.   ار 17: 5هكذا قال الرب.ملعون الرجل الذي يتكل على الانسان ويجعل البشر ذراعه وعن الرب يحيد قلبه.
58.   مز 9: 10ويتكل عليك العارفون اسمك.لانك لم تترك طالبيك يا رب
59.   مز 115: 8مثلها يكون صانعوها بل كل من يتكل عليها
60.   مز 135: 18مثلها يكون صانعوها وكل من يتكل عليها.
61.   ام 11: 28من يتكل على غناه يسقط.اما الصديقون فيزهون كالورق
62.   .ام 16: 20الفطن من جهة امر يجد خيرا.ومن يتكل على الرب فطوبى له
63.   .اش 50: 10من منكم خائف الرب سامع لصوت عبده.من الذي يسلك في الظلمات ولا نور له فليتكل على اسم الرب ويستند الى الهه
64.   .ار 17: 5هكذا قال الرب.ملعون الرجل الذي يتكل على الانسان ويجعل البشر ذراعه وعن الرب يحيد قلبه
65.   .ار 17: 7مبارك الرجل الذي يتكل على الرب وكان الرب متكله
66.   .ار 28: 15فقال ارميا النبي لحننيا النبي اسمع يا حننيا.ان الرب لم يرسلك وانت قد جعلت هذا الشعب يتكل على الكذب
67.   .حب 2: 18ماذا نفع التمثال المنحوت حتى نحته صانعه او المسبوك ومعلّم الكذب حتى ان الصانع صنعة يتكل عليها فيصنع اوثانا بكما
68.   .في 3: 4مع ان لي ان اتكل على الجسد ايضا.ان ظن واحد آخر ان يتكل على الجسد فانا بالأولى.